للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أهل السنة، فمعنى الآية عندهم: أن الله تعالى خالقُ كلِّ شيء من عالم الخلق، لا من عالم الأمر، فإنه لا يُسمَّى مخلوقاً، لقوله تعالى: {ألا لَهُ الخَلْقُ والأمْرُ} [الأعراف: ٥٤]، وهي أبينُ آيةٍ في هذا، لأنه قسَّم المسميات فيها إلى قسمين مختلفين متغايرين:

أحدهما: الخلق، وهو أخصُّهما، ولذلك قدَّمه.

وثانيهما: الأمر، وهو أعمُّهما، ولذلك أخره؛ لأن الخلق نوع من جنس الأمر يدخل تحته، بدليل قوله تعالى: {وإليه يَرْجِعُ الأمرُ كُلُّهُ} [هود: ١٢٣]، فدخل فيه الخلق والأمر، ولذلك قال سبحانه وتعالى: {إنما أمرُه إذا أراد شيئاً أن يقُولَ لَهُ كُنْ فيكُوْنُ} [يس: ٨٢]، فلو كانت " كُنْ " مخلوقةً من جملة عالم الخلق، ما كانت (١) سبباً لخلق المخلوقات، ولكانت محتاجةً إلى أن يُقال لها (٢) ذلك، ويؤدي (٣) إلى التسلسل.

وسيأتي في مسألة خلق الأفعال أنه لم يَرِدْ في اللغة تسمية (٤) كلِّ شيءٍ مخلوقاً، وإن كان الخلق والأمر كلاهما لله تعالى، فَلِكُلِّ واحد منهما اسمٌ يخصه.

ومن هنا اختصَّ الوعيد بالمصوِّرين المتعرِّضين لما سمَّى (٥) خلقاً، وقيل لهم: " فليخلُقُوا حبةً أو شعيرةً " وقال صلى الله عليه وآله وسلم:


(١) في الأصول: " كان "، والمثبت من (ب).
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) في (ب): وذلك يؤدي.
(٤) في (ب): تسميته.
(٥) في (ب): يسمَّى.

<<  <  ج: ص:  >  >>