للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُخُونة الكواكب في هذا الباب: ولِقَائِلٍ أن يقول: الاشتراك في اللوازم لا يقتضي الاشتراك في تمام (١) الماهية، فلم (٢) لا يجوز أن يكون الكوكب والنار مشتركين في غاية السخونة، لكن الكواكب مخالفةٌ في ماهيتها لماهية النار، فلأجل ذلك كانت النار التي عندنا شفافة إلى قوله في القسم الثاني في البسائط العنصرية: إنه لا يلزم من اشتراك الهواء والنار في الحرارة (٣) والرِّقة اشتراكهما في تمام الماهية.

وقال في الباب الأول في تجوهر الأجسام من الجملة الثانية في الجواهر، في الرد على من قال: إن اختلاف الأعراض لا بد أن يكون لاختلاف صور (٤) مركوزةٍ في تلك الأجسام، لأنها مشتركة في الجسمية ... إلى قوله: والاعتراض: لا نسلِّم اشتراك الأجسام بأسرها في الجسمية، إلى آخر كلامه.

قلت: وإنما اكتفي بعدم التَّسليم لذلك في جميع المواضع، لأن الخصم لم يأتِ بحُجَّةٍ بيِّنةٍ يقبُحُ إنكارُها إلاَّ مجرَّد تخيُّلات، والامتناعُ في مثل هذا من التسليم أصحُّ من الاستدلال، لأنه لا مجال للعقل في هذه المضايق، فالممتنع أسعد بالحق من المستدل لسلامته من دعوى ما لا يعلم وصدقه في عدم تسليمه (٥) حينئذ، ولأن استدلالهم في ذلك يرجع حاصله على اختلاف عباراتهم إلى أنهم لم يعلموا دليلاً على اختلاف الأجسام، فوجب نفيه، وسيأتي إبطال هذه الطريقة، وأنه لم يَقُمْ عليها دليل، فالامتناع من تسليمها يكفي، إذ كان قولهم: إنها حجة مجرد دعوى.

وقال قبل هذا في هذا الباب في رد الحجة الثالثة من أدلة من زعم أن


(١) في (ب): دليل.
(٢) في (ب): ولم، وفي (ش): وإلا.
(٣) عبارة " في الحرارة " سقطت من (ش).
(٤) في (ش): صورة.
(٥) في (ب): التسليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>