للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجسمية، بل حكمٌ من أحكامها، ولا يلزم من الاشتراك في المؤثِّر الاشتراك في الأثر، ويدل عليه أمور ثلاثة:

أحدها: أن الذات حال الحدوث يجب افتقارها إلى الفاعل، وحالة البقاء يمتنع افتقارها إليه، مع أن الذات واحدة في الحالين، فإذا جاز أن ينقلب الشيء الواحد من الوجوب إلى الامتناع الذاتيين بحسب زمانين، فلأن يجوز (١) ذلك في المثلين أولى. وأيضاً فلأن الجوهر الحادث مثل الباقي، ثم لا يلزم من تماثلهما تساويهما في صحة المقدورية، وامتناعها، فكذا ها هنا، وكذا العَرَضُ الذي لا يبقى يصحُّ أن يحدث في زمان عدمه مثله، ولا يلزم من صحة حدوث مثله في ذلك الزمان صحة وجوده في ذلك الزمان، وكذا (٢) ها هنا.

الثالث: أن الممكن المعين يحتاج إلى مؤثِّر معين أو شرط معين، وعلة تلك الحاجة هي الإمكان، لأنا لو رفعنا الإمكان بقي إما الوجوب أو الامتناع، وهما مستغنيان عن المؤثِّر، ثم إن الإمكان (٣) مشترك بين الممكنات، ولا يلزم من اشتراكها في الإمكان اشتراكها في الحاجة إلى ذلك المؤثر المعين، أو إلى ذلك الشرط المعين، لأن أكثر الطوائف أثبتوا مؤثراً غير الله تعالى، فإن بعضهم زعم أن العبد مُوجِدُ، وبعضهم أثبث معاني توجب أحوالاً، وبعضهم أثبت طبيعة وعقلاً ونفساً.

ثم إن سلمنا أنه لا مؤثِّر إلاَّ الواحد، ولكن لا نِزَاعَ في كثرة الشروط إذ الجوهر شرط العرض، والحياة شرط العلم، وذلك مما لا خلاف فيه بين


(١) في (أ) و (د) و (ش): " فلأن لا نجوز "، والمثبث من (ب) و (ج) وجاء في هامش (أ) ما نصه: صوابه فلأن نجوز، والتصويب مبني على ثبوت " لا " النافية، وهي غير ثابتة في الأصل، بل مصحح عليها في هامش الأصل والتصويب عليه.
(٢) في (ب) و (د) و (ش): فكذا.
(٣) من قوله: " لأنا لو رفعنا " إلى هنا ساقطة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>