للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثبوت على النفي، جاز أن يُستدل بعدم دليل (١) النفي على الثبوت، فيلزم من ذلك الجزم بالإثبات والنفي معاً، وهو محال.

لا يقال: فرقاً بينهما من وجوهٍ أربعة:

أحدها: هو أن دليل النفي إما أن يعني به عدم دليل الثبوت، أو يعني به وجود دليل النفي. فإن عنى به الأول، كان عدم دليل النفي عبارة عن عدم دليل الثبوت، وهو نفس دليل (٢) الثبوت، فيكون حاصله الحكم بالإثبات لوجود دليل الثبوت، وذلك لا نزاع فيه، وإن عنى به الثاني، لم يلزم من عدم ما ينفي وجود الشيء حصول ذلك الشيء لاحتمال حصول عدمه بالطريق الأول، وهو عدم المثبت.

وثانيها: أن دليل كلِّ شيء على حسب ما يليق به، فدليل الثبوت يجب أن يكون ثبوتياً، ودليل النفي يجب أن يكون عدميَّاً.

وثالثها: إذا لم نجد على (٣) إنسانٍ ما يدلُّ على نبوته، قطعنا (٤) إنه ليس بنبيٍّ، وليس إذا لم نجد عليه ما يقدح في نبوته يقطع بكونه نبياً.

ورابعها: أنا لو نفينا ما لم يوجد دليل ثبوته، لزم نفي أمورٍ غير متناهيةٍ، وهو غير ممتنع، أما لو أثبتنا ما لم يوجد دليل عدمه، لزم (٥) إثبات ما لا نهاية له، وذلك ممتنع، فظهر الفرق، لأنا نقول: أما الأول، فهو معارضٌ بمثله، لأن من قال في الشيء المعين: إنه لا دليل على ثبوته، فيقال: إن دليل الثبوت قد يراد به عدم دليل العدم، وقد يراد به ما يقتضي نفس الثبوت، فإن عنيت الأول،


(١) من قوله: " الثبوت " إلى هنا ساقط من (ش).
(٢) في (ش): ذلك.
(٣) سقطت من (ش).
(٤) في (ش): وطعنا.
(٥) في (ب): لزمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>