للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لطُفَ ألطفُ من ذاته، وأما الأجسام المُدَركة، فالاحتمال فيها من وجهين:

أحدهما: أن الخصم مسلِّمٌ أنا (١) قد لا ندركها مع عظمها لمانعٍ من ضعف البصر، أو البُعد المُفرطِ، أو الحجاب الكثيف، فيجوز أنا لم ندرك اختلافها لمانعٍ، وهو اتصافها بالصفات العارضة من الألوان والمقادير والأشكال والصور، ولعلها لو تجرَّدت من (٢) هذه الأمور، أدركنا نوعاً آخر من الاختلاف لم نعرِفْهُ قطُّ.

وثانيهما: أنه (٣) كما صح أن (٤) في الذوات ما لا يُدرَكُ (٥) للطافته، فلا يمتنعُ أن يكون اختلاف الأجسام العظيمة لطيفاً غامضاً، ولا (٦) يدرك للطافته، ولا يعلمه إلاَّ الله تعالى. ألا ترى أنه لو أخبر الله بذلك لوجب تصديقه، ولم يكن كالإخبار بأن البعض أكثر من الكل، بل قد أخبر الله تعالى باختلاف المتحيِّزات في ذكره سبحانه: {إرَمَ ذات العماد} [الفجر: ٧]، حيث قال في وصفها: {التي لم يُخلقْ مثلُها في البلاد} [الفجر: ٨] فأمِنَ بذلك من لم يعرف علم الكلام من جميع أهل الفطر السليمة من التغيير من جميع طوائف المسلمين وسلفهم الصالح، واحتجُّوا به، ولم يجعلوا ظاهره في البُطلان كالمقيد بوجود المُحال الذي يجب القطع على أن ظاهره كذب مقطوعٌ به لا يمكن تجويز صدوره من الله، وكذلك يجد الإنسان التطلعَ إلى سؤال من يعلم الغيب عن الشفاء واليقين في مثل هذه المشكلة تطلُّعَ من تَقَبَّلَ الخبر بأي الأمرين وقع، وليس هذا حال المعلومات اليقينية. فإن قالوا: لا نعلم مانعاً، فيجب نفيه،


(١) في (ش): أنها.
(٢) في (ش): عن.
(٣) في (ش): أنه لا يصح.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) في (ش): يدركه.
(٦) "الواو" ساقطة من (ب) و (ش) و (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>