للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد احتجَّ بهذه الحجة الشافعي نفسه وغيره من الأئمة، فذكر الطبراني وغيره عن المُزنيِّ قال: سمعت الشافعي يقول في قوله عز وجل: {كلاَّ إنَّهم عن ربِّهِم يومئذٍ لمحجُوبُونَ}؟ قال: فيها دلالة على أن أولياء الله يرون ربَّهم يوم القيامة، وقال الحاكم: حدثنا الأصمُّ، حدثنا الربيع بن سليمان، قال: حضرت محمد بن إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها: ما تقول في قول الله تعالى: {كلاَّ إنَّهم عن ربِّهِم يومئذٍ لمحجُوبُونَ}، فقال الشافعي: لما أن حَجَبَ هؤلاء في السخط، كان في هذا دليل (١) على أن أولياءه (٢) يرونه في الرضا. قال الربيع: فقلت: يا أبا عبد الله، وبه تقول؟ قال نعم، وبه أدين الله، لو لم يُوقن محمد بن إدريس أنه يرى الله لما عبد الله عز وجل.

ولعله يريد أن الجميع ممَّا ورد به السمع المعلوم عنده، وقد ذم الله تعالى من يُؤمِنُ ببعض الكتاب، ويكفر ببعض، فكان الإيمان بالجميع لازماً أو الترك. والله أعلم (٣).

ورواه الطبراني في " شرح السنة " من طريق الأصم أيضاً.

وقال أبو زرعة الرَّازي. سمعت أحمد بن محمد بن الحسين يقول: سئل محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: هل يرى الخلق كلُّهم ربَّهم يوم القيامة: المؤمنون والكفار؟ فقال محمد: ليس يراه إلاَّ المؤمنون. قال محمد (٤): وسئل الشافعي عن الرؤية، فقال: يقول الله تعالى: {كلاَّ إنَّهم عن ربِّهِم يومئذٍ لمحجُوبُونَ}، ففي هذا دليل على أن المؤمنين لا يُحجبون عن الله عز وجل.


(١) في (ب): دلَّ على ...
(٢) في (ش): أولياء الله.
(٣) من قوله: " ولعله يريد " إلى هنا، ورُمِّج في (ب)، وهو من كلام المصنف رحمه الله، وليس من كلام العلامة ابن القيم.
(٤) من قوله: " ابن عبد الله بن الحكم " إلى هنا ساقط من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>