للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا شَفَاعَةٌ} [البقرة: ٢٥٤]، ما ذلك إلاَّ لتقديم الخاص على العامِّ في مثل هذا. والخصوم لا يُخالفون في مثل هذا من هذه الجهة، وإنما حملهم على تأويل الأدلة الخاصَّة اعتقادهم لاستحالة الرؤية عقلاً، وقد مرَّ ما فيه، ولذلك احتالوا على استفادة العموم من هذه الآية من التَّمدُّح -ولا يمتنع أن يكون التمدُّح مخصوصاً- الراجع (١) إلى الذات دون التمدح (٢) الراجع إلى غير ذلك.

كما سيأتي في كلامهم.

والجواب عليهم من وجوه:

الوجه الأول: أن حجَّتهم هذه وأكثر أدلتهم، راجعة إلى القطع بنفي ما لم يعلموا عليه دليلاً، وقد تقدم بطلانها. بيانه: أنه لا دليل لهم على (٣) أنه لا وجه للتمدح في علم الله إلاَّ ذلك، بحيث لا يصحُّ أن يُخبر به نبي صادق.

الوجه الثاني: أنه قد ورد السمع بما يدل أنه تمدُّح راجعٌ إلى قدرته وعزَّته.

وذلك ممكن عقلاً قبل ورود السمع. ومجرَّد التجويز يكفي أهل السنة، لأنه يمنع (٤) من وجوب تأويل الظواهر، كيف إلاَّ النصوص؟

وأما المعتزلة، فلا يكفيهم إلاَّ الأدلة القاطعة المانعة من تسليم الظواهر، أما أن التمدُّح بذلك ممكنٌ عقلاً، فضروريٌّ، وعلى مانعه الدليل يوضحه أن الله تعالى تمدح بذلك في قوله تعالى (٥): {يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ} [المؤمنون: ٨٨]، وتمدَّحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه يقضي ولا يُقضى عليه (٦).


(١) من هنا إلى قوله. " يمتنع أن يكون التمدح مخصوصاً " في ص ٤٢٦ ساقط من (ب).
(٢) من قوله: " ولا يمتنع " إلى هنا ساقط من (ش).
(٣) ساقطة من (أ).
(٤) في (أ): يمتنع.
(٥) في الأصول جميعها غير (ج): " قوله تعالى: إنه يجير ".
(٦) أخرج أحمد ١/ ١٩٩ - ٢٠٠، والترمذي (٤٦٤)، والنسائي ٣/ ٢٤٨، وابن ماجه =

<<  <  ج: ص:  >  >>