للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْرِضُ في ذلك من الجدال، مهما وُزنَ بميزان الاعتدال.

وجِدالُ أهلِ العلْم لَيْسَ بضَائِرٍ ... مَا بَيْنَ غالِبِهِمْ إلى المَغْلُوبِ

بَيْد أنَّها لم تضع تاجَ المَرَحِ والاختيال، وتستعمِلُ ميزان العدل في الاستدلال، بل خالطها من سيما المُحْتالين شَوْبٌ، ومالت من التَّعَنُّتِ في الجدَال إلى صوبٍ، فجاءتني تمشي الخطرى (١) وتميس في محافل الخطَرا (٢)، مفضوضة لم تُغتم، مشهورة لم تكتم، متبرجة قد كشفت حجابَها، وَمَزَّقت نِقَابَها، وطافت على الأكابر، وطاشت إلى الأصاغر، وَتَرَقَّت إلى قصير الإمامة، ومحل الزَّعامة، حتى مصَّتْ أيدي الابتذال نضارَتَها، واقتضَّت أفكار الرجالِ بكارتَها، وإن خيرَ النصائح الخفي، وخير النُّصَّاح الحَفِي.

ثُم إني تَأملْتُ فُصُولَها، وتَدبَّرْتُ أصولَها، فوجدتُها مشتملة على القدحِ تارةً فيما نقل عني مِن الكلام، وتارة في كثير من قواعد أهلِ البيت - عليهم السلام- وغيرهم من علماء الإسلام. فرأيتُ ما يَخصني غيرَ جدير بصرف العناية إِليه، ولا كبير يستحق الإقبال بالجواب عليه، إذ كان ذلك مما يتعلق بالمسائل الفرعية، والمسالك الفقهية.

وأما ما يختص بالقواعد الإسلامية -التي أجمعت على صِحَّتها العِتْرةُ الزَّكية، مثل تصحيح الرجوع إلى الآيات القرآنية، والأخبار النبوية، والآثار الصحابية، ونحو ذلك منَ القواعد الأصولية -فرأيتُ القدحَ فيها


(١) أي: تمشي مشية المعجب بنفسه، من قولهم: خطر في مشيته: إذا رفع يديه ووضعهما.
(٢) الخطرا جمح خطير كأمير: الشريف من الرجال، العظيم القدر والمنزلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>