للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُستعمل الآخر. وعلى هذا، فإن الأعمى يقول: لقيت فلاناً، وجلست بين يديه، وقرأت عليه، ولا يقول: رأيته. وكذلك يسأل أحدهم غيره: هل لقيت (١) المَلِكَ؟ فيقول: لا، ولكني رأيته على القصر، فلو كان أحدهما بمعنى الآخر، لم يَجُزْ ذلك، فثبت أن اللقاء ليس هو بمعنى الرؤية، وأنهم إنما يستعملونه فيها مجازاً. وإذا ثبت ذلك، فيجب أن تُحْمَلَ هذه الآية على وجهٍ (٢) يُوافِقُ دلالة العقل، فنقول: المراد بقوله تعالى: {تحيتهم يوم يلقونه سلام} [الأحزاب: ٤٤]، أي: يوم يلقون ملائكته، كما قال في موضع آخر: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: ٢٣، ٢٤] وأما قوله جل وعز: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} أي: ثواب ربه، ذكر نفسه وأراد غيره. كما قال في موضع آخر (٣): {وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ} [غافر: ٤٢]، أي: إلى طاعة العزيز الغفار (٤). وقال تعالى: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي} [الصافات: ٩٩] أي (٥): إلى حيث أمرني ربي. وقوله تعالى: {وجَاءَ ربُّكَ} [الفجر: ٢٢] أي: وجاء أمر ربك. {واسألِ القرية} [يوسف: ٨٢] أي: أهل القرية. ونظائر هذا أكثر من أن تحصر.

وبعد: فلو كانت هذه الآية دالة على أن المؤمنين يرون الله تعالى، لوجب في قوله تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} [التوبة: ٧٧] أن (٦) يدل على أن المنافقين يرونه وهم لا يقولون (٧) بذلك، فليس إلاَّ أن الرؤية مستحيلةٌ على الله تعالى في كل حالٍ وأن لقاءه بهذه الآية محمولٌ على عقابه، كما في تلك الآية محمولٌ على لقاء ثوابه (٨) أو لقاء ملائكته، وفي الحكاية أن


(١) من قوله: " فلاناً " إلى هنا ساقط من (ب).
(٢) في (ب): وجوه.
(٣) من قوله: " وأما قوله " إلى هنا ساقط من (ج).
(٤) قوله: " أي: إلى طاعة العزيز الغفار " ساقط من (ب).
(٥) ساقط من (ب).
(٦) في (ب): أي.
(٧) جملة " وهم لا يقولون " ساقطة من (أ).
(٨) تحرفت في (أ) إلى: لتأتوا به.

<<  <  ج: ص:  >  >>