للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخصم بما فيه.

قال فيه مصنفه المذكور في أوائل الفصل الثاني في العدل: وقد احتج على ثبوت التحسين والتقبيح في العقل بأن أحدنا إذا خُيِّرَ بين الصدق والكذب، ولم يكن له داعٍ خاصٌّ إلى أحدهما اختار الصدق لا محالة.

ثم قال بعد هذا المعنى ما لفظه: فإن قالوا هذا بناء على أن الواحد منا مخيرٌ في تصرفاته، ونحن لا نُسلِّمُ ذلك، فإن مذهبنا أنه مُجبرٌ عليه في هذه الأفعال، وأنها مخلوقة، ثم أجاب بأربعة أجوبة.

قال في الثالث منها ما لفظه: وبعد، فلا خلاف بيننا وبينكم في أن هذه التصرفات محتاجةٌ إلينا، ومتعلِّقةٌ بنا، وأنا مختارون فيها، وإنما الخلاف في جهة التعلق أكسبٌ أم حدوثٌ، فعندنا أن جهة التعلُّق إنما هو الحدوث، وعندكم أن جهة التعلق إنما هو الكسب. انتهى لفظه.

وهو رد صريح (١) لقول من يقول: إنهم ينكرون أن لنا أفعالاً وتصرفاتٍ، وقد توهَّم بعضُ مَنْ لا يعرفُ مذهبهم أن ظاهر كلام صاحب الشرح لا يصح، فتأوله بأن معنى قوله: إنه لا خلاف أنا مختارون في أفعالنا، أي لا خلاف في أنا مُريدون لها، وهذا التأويل باطلٌ لوجوه:

الأول: أنه لا موجبَ له، وتجويز التأويل من غير موجب يفتح باب الجهالات، ويُبْطِلُ الانتفاع بنقل أهل المقالات.

فإن قيل: الموجبُ له اختلاف النقل عنهم:

فالجواب: أنه ليس بأولى من تأويل نقلِ من نقل نفي الاختيار عنهم، ثم إن الفِرَق فيهم كثيرة، وأهل السنة منهم أربعُ فِرَقٍ ليس منهم من ينفي الاختيار ألبتة (٢) كما يأتي بيان ذلك.


(١) في (ش) وهذا صريح الرد.
(٢) من قولهم: " عنهم " إلى هنا ساقط من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>