وقال تعالى:{وما أصَابَكُم يوم التقى الجَمْعَانِ فبإذنِ الله}[آل عمران: ٦٦].
وقال تعالى:{ومَا كان لِنَفْسٍ أن تُؤمِنَ إلاَّ بإذنِ اللهِ}[يونس: ١٠٠].
وجاء مثل هذه النصوص في نسبة الهدى والضلال إلى الله تعالى، وأنَّه لا يهدي من يُضِلُّ، وبَيَّن الله سبحانه ما أجمله من ذلك كقوله:{وما يُضِلُّ به إلا الفَاسِقينَ}[البقرة: ٢٦]، وبقوله: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: ٨ - ١٠].
وجاءت السنة النبوية المتواترة بنحو هذه الآيات ولا سبيل إلى استقصاء ما ورد من السنة في ذلك، ولا حاجة إلى ذكره مع هذه الآيات الكريمة، فدلَّ جميع ذلك مع الدلائل العقلية على قدرة الله تعالى على هداية الخلق أجمعين، وأنه سبحانه إنما لم يَهْدِ الأشقياء لحكمةٍ بالغةٍ وإن لم تدركها العقول.
وسيأتي ذكر بعض الحكم التي دلَّّ عليها السمع في ذلك في المرتبة الثالثة في الدواعي، وفي المرتبة الرابعة في وجه تقدير الشرور، ويأتي في هذه المرتبة أيضاً شيء من ذلك. وخالفت المعتزلة في معنى الآيات، وزعمت إلاَّ القليل منهم أنه ليس في معلوم الله تعالى، ولا في مقدوره هداية عاصٍ في ذنب واحد على جهة الاختيار، وقالوا: إن المراد بالآيات أنه سبحانه لا يُكْرِهُ الخلق على الإيمان إكراهاً يبطُلُ معه التكليف، والذمُّ، والمدح، والأمر، والنهي، والثواب، والعقاب، والابتلاء، وجعلوا هذا تفسير الهداية التي تمدح الله عز وجل بقدرته عليها، ورَكِبُوا كُلَّ صعبٍ وذَلُول في تأويل القرآن، وتعسَّفوا في وجوهٍ التأويل تعسُّفاً يرُدُّه البرهان كما نُبين ذلك إن شاء الله تعالى أوضح بيان، ولا بُدَّ من إيراد