للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكُفر جليٌّ، ظهر عنادهم.

وإن تطلَّبوا له وجهاً خفياً لطيفاً كما يأتي أمكن مثلُه في الإرادة من غير تأويلٍ كما يأتي أيضاً. وإن خصُّوا ظواهر آيات المشيئة بالتقبيح مع تجويزهم مثل ما دلَّت عليه مما لا تقبله العقولُ من خلق من المعلوم من حال (١) أنه من أهل الكفر والفساد في الأرض، ومن أهل النار في الآخرة، وتمكينه من الكفر والفساد ليكون من أهل الصلاح عاجلاً، ومن أهل الجنة آجلاً (٢) مع العلم عند قصد الإحسان إليهم بذلك أنه لا يحصُلُ منهم إلاَّ نقيضه، ولا يَقَعُون إلاَّ في ضِدِّه، ثم قبَّحنا (٣) العفو عنهم مع قطعنا بأن الإحسان إليهم هو القصد الأول، وأن علم الغيب بما يقعُون (٤) فيه من المضَارِّ بسبب هذا (٥) والقصد (٦) سابقٌ له ومقارن، كنا قد وقعنا من مخالفة قضايا العقول في مثل ما مَنَعْنَاه من ظواهر آيات المشيئة كما يأتي مقرراً أوضح من هذا وأبسط.

هذا الذي يؤمن به أهل السنة (٧) في الابتداء والانتهاء، ويمتنع (٨) منه أهل البدعة في الابتداء، ثم يرجعون إليه في الانتهاء، ولكن المبتدع لا يرجِعُ إلى الإيمان الجملي إلاَّ بعد الحكم بتقبيح أكثر الظواهر من الآيات والأخبار، والخبط في التأويل المتعسِّف بغير علم ولا موجبٍ صحيح، ثم يقعُ في مثل ما مَنَعَ، ويلتزم أرك مما أنكر في زعمه وأشنع، ويجعل (٩) إيمانه الجملي فيما انتهى إليه رأيه، وحار فيه عقله، ووقفته عليه شيوخه.

والسُّنيُّ يؤمِنُ بآيات الله تعالى، وأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أول الأمر، ولا


(١) " من حال " ساقطة من (أ).
(٢) ساقطة من (أ).
(٣) في (ب): مع تقبيحنا.
(٤) في (ش): يفعلون.
(٥) في (أ) مكان " هذا " بياض.
(٦) في (ش): " القصد " دون واو.
(٧) من قوله: " كما يأتي " إلى هنا ساقط من (ش).
(٨) في (ش): ويمنع.
(٩) في (ش): ويحصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>