للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوهم والخطأ، والصحيح والسقيم، والخلاف بين العقلاء (١) كسائر الاستدلاليات، ولا شكَّ بأن المنفعة التي تُحسنُه عند بعض العقلاء هي المنفعة الراجحة الخالية عن المعارض الراجح.

وأما لو نَزُرَتِ المنفعة وعَظُمت المفسدة، كان من القسم الأول القبيح بالضرورة، مثالة: من يعرفُ أنه إذا كذب حصل له درهمٌ، وضُرِبَتْ عُنُقُهُ، أو (٢) هُتِكَتْ حُرْمتُه.

وثالثهما: أن قُبْحَ ذلك ضروري إن لم يُتَوَسَّل به إلى غرضٍ راجح على ما فيه من المفاسد غير مقدور عليه إلاَّ بواسطة الكذب، وبعثة الكذابين.

وقد ثبت أن الله على كل شيء قدير عقلاً وسمعاً وإجماعاً، فكيف يجوز عليه أن يتوسَّل إلى مرادٍ له بما لم تُجَوِّز المعتزلة على أحد من العقلاء؟! فإنهم قطعوا على كل عاقل أنه يختار الصدق ويُرجحه إذا قيل له: إن صدقت فلك درهم، وإن كذبتَ فلك درهم، بل عَقَلَتِ العربُ ذلك في جاهليتها (٣) وأنشد علماء المعاني فيما يدل على ذلك:

والعيشُ خيرٌ في ظِلا ... لِ الجهلِ ممَّن عاشَ كَدّا

أي: مع العقل ليقع التعارض الخفي الذي يحسن الخير عنده (٤) والاختبار، فأما تفضيل (٥) العيش والعقل مجتمعين على الجهل والكَدِّ مجتمعين فلا يحسن الخبر به والاختبار، لأنه بمنزلة الخبر بأن الكل أكثر من البعض.

فاعرف ذلك.

ولا شكَّ (٦) أن المُهَوِّنَ لقبح القبائح هو العجز وتحقق الضرورة أو مقارنتها،


(١) في (ش): العقلي.
(٢) في (ش): و.
(٣) في (ش): بل عقله العرب في جاهليتها.
(٤) ساقطة من (أ).
(٥) في (أ): تفضل.
(٦) في (أ) مكانها بياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>