للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن إرادته لذلك لا يستلزم وقوعه عند المعتزلة، كما في قوله تعالى: {وما خلقتُ الجِنَّ والإنسَ إلاَّ ليعبُدونِ} [الذاريات: ٥٦]. فإنها عندهم مثلها، ولا يستلزم وقوع ذلك عندهم، فحجَّتُهُم على التأويل هي غير مذهبهم المدعى، وتأويلهم يحاول صرف الآية عن معناها، وذلك أنها واردةٌ في تخصيصهم بالإرادة المتعلقة بتطهيرهم (١) المنسوب إلى الله عز وجل، وهم يريدون أن يكون معناها الخبر عن علم الغيب بما يكون منهم في المستقبل منسوباً إليهم.

وهذان أمران متباعدان يزيده بياناً أنهم إما أن يلتزموا أن الإرادة من الله تعالى لا (٢) تَعَلَّقُ بخلاف معلومه أو لا؟

الأول: هو مذهب أهل السنة الذي فرُّوا منه، وهو الذى يتمشى عليه تأويلُهم على رِكَّتِه على كل مذهب.

والثاني: يرفع السؤال.

وثانيهما: أنه يؤدي إلى أنه لا أثَرَ لإرادة الله تعالى في تطهيرهم، ولو كان كذلك لم يكن لتعليق إرادة الله بتطهيرهم (٣) معنىً، لأنَّ الإرادة لا تَعَلَّقُ إلا (٤) بفعل المريد، كما يأتي بيانه بخلاف المحبة.

ولو كانوا كما قالوا لنُسِب التطهير إليهم لا إليه، ولما كان لهم مَزيَّةٌ على سائر المتقين، والقطع بقبح ظاهر هذه الآية، وتعيين مراد الله في الخبر (٥) عما عَلِمَ أنه يكون منهم، والقطع على أهل البيت أنهم أرادوا ذلك بالاحتجاج بها قَطْعٌ بغير تقدير، وجنايةٌ على الكتاب المنير، على أنه لا عُذرَ لهم على أصولهم في تأويل احتجاج آحاد الأئمة، فإن أصولهم تقضي بتحريم تأويل كلام الآحاد من الأئمة، لا سيما والقرينةُ قائمةٌ على ذلك.


(١) في (ش): بتطهير.
(٢) ليست في (ش).
(٣) في (ش): في تطهيرهم.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) تصحفت في (ش) إلى: الخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>