للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن مفعولَ مشيئة الله تعالى هو ما فعل الله تعالى بالإجماع من أسباب مشيئتهم للاستقامة التي أقامها مقام مشيئة الاستقامة.

وتلك الأسباب هي المعبر عنها في العقليات بالدواعي الراجحة، وفي السمعيات تارةً بالقدر والقضاء والكتابة، ومرة بالتيسير وشرح الصدر والهداية، ومرة بالمشيئة والقصد والإرادة على تقدير حذف المضاف، وهو سبب مشيئة العباد.

فإن قيل: ولِمَ تعلَّقَتْ إرادة الله تعالى بأسباب المعاصي، وقد عَلِمَ أن المعاصي تقع عندها.

فالجواب: من وجهين:

أحدهما: أن هذا مشترك الإلزام (١)، لأن إرادة أسبابها كلمة إجماع من المسلمين، ولا يجب عند المحققين من جميع فرق المسلمين معرفة العباد لذلك على التفصيل، ويكفينا التصديق بأنه سبحانه حكيم عَدْلٌ، وكل ما يفعله أو يتركه على العموم، والإيمان في هذه المسألة خصوصاً بنحو قوله تعالى: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْم} [الجاثية: ٢٣] أي: باستحقاقه للإضلال.

وقد اختار الزمخشري (٢) هذا الجواب على غُلُوِّه في الاعتزال في تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: ٢].

الوجه الثاني: من الجواب أنه يصح ويحسن في العقل والسمع أن يكون للشيء جهتان يحب بالنظر إلى أحدهما، ويُكرَهُ بالنظر إلى الآخر (٣)، كما ذكرناه في اليمين الغموس.


(١) ساقطة من (ش).
(٢) في " الكشاف " ٤/ ١١٣.
(٣) في (أ): الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>