للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، فزادت على الخوارج فإنهم كفَّروا المسلمين بأصغر الذنوب، وهؤلاء كفروهم بأعظم الحسنات، وهو الإيمان بكتاب الله تعالى.

ولنذكر الآن شبهة المعتزلة في إيجاب اللطف على الله تعالى حتى يظهر ضعف ما عارضوا به هذه الأدلة الباهرة المتظاهرة، فنورد كلام الإمام يحيى بن حمزة في كتاب " التمهيد " لأنه من المُبالغين في النظر في علومهم، والناصرين لكثيرٍ من مذاهبهم، وإنما يخالفهم فيما اتَّضحت ركَّتهُ، وظهر ضعفه مثل هذه المسألة.

فنقول (١): قال في " التمهيد " في أوائل الباب الأول في النبوات ما لفظه:

فلِمَ قلتم: إن اللطف واجبٌ؟

قالوا: لأمرين: أمَّا أولاً، فلأنَّ اللطف جارٍ مجرى التمكين.

قلنا: لا نُسَلِّمُ.

قالوا: إن من قدم الطعام إلى إنسان (٢)، وأراد من ذلك الإنسان أن يتناول (٢) من ذلك الطعام، فإنه لا يتناول منه (٢) إلاَّ إذا تواضع له، فإنَّ تركه للتواضع يقدح في كونه مريداً من ذلك الإنسان أن يتناول طعامه.

قلنا: لا نُسَلِّمُ أن تركه للتواضع، والحال هذه مقدرة (٣) يقدح في كونه مُريداً على الإطلاق.

وبيانه: أن الإرادات مختلفة بحسب العادة والأخلاق، فقد يكون الإنسان مُريداً من غيره أن يتناول طعامه إرادة بالغة في العادة مبلغاً عظيماً، حتى إنه يقدر


(١) ساقطة من (أ) و (ش).
(٢) قوله: " إلى إنسان " و" أن يتناول " و" فإنه لا يتناول منه " ساقط من (أ).
(٣) ساقطة من (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>