فبيَّن في هذه الآية الشريفة أنهم الجاحدون للمعاد الذين كذبوا الله ورسله في هذا الوعد الحق الذي تطابقت به الكتب والرسل، فنزَّلَت المبتدعة تفسيرهم بذلك كأنه مُحالٌ، وجعلوهم الذين آمنوا بالله ورسله واليوم الآخر بسبب إيمانهم بكمال قدرته، ونفوذ مشيئته تعظيماً لربوبيته وعزته، وتصديقاً لنصوص آياته، وحرَّموا تفسير كتاب الله ومراده بذلك زَارِين على من خالفهم، فنعوذ بالله من الخِذلان، وهو حسبنا وكفى، ونعم المستعان.
النوع الثاني من شُبَهِهم السمعية: قوله تعالى: {وَمَا الله يُريدُ ظُلْماً للعِبادِ}[غافر: ٣١] وفي آية: {للعالمين}[آل عمران: ١٠٨] والجواب عليهم من وجهين:
الوجه الأول: أن أهل السنة أحق منهم بظاهرها وتصديقها، وكذلك في كل ما جاء عن الله تعالى، فإنهم يقولون: إن الله تعالى لا يريد الظلم إرادة فعلٍ، ولا إرادة محبةٍ، ورضاً، بل يقولون: إن إرادته سبحانه لا تعلق بأفعال العباد مطلقاً، فكيف بالقبيح منها؟
ويقولون: إنه سبحانه على أكمل ما يمكن أن يتمدح الرب عزَّ وجلَّ به، فقالوا: إنه يكرهه كراهة حكمةٍ بالنظر إلى الوجه الذي قَبُحَ لأجله، لا كراهة عجزٍ بالنظر إلى الوجه الذي لو شاء لمَنَعَه أو أصلحه منه، ولذلك يقع من ذلك ما لم يُرِدِ الله المنع منه، ولا (١) صلاح فاعله بالتوفيق والهداية عقوبةً له على عظيم ذنوبه كما سيأتي.
وأرادتِ المعتزلة أن تحمل الآيات على أن الله تعالى كَرِهَ ذلك من جميع الوجوه التي تستلزم عدم قدرته عزَّ وجلَّ على إصلاحه باللطف والهداية والتوفيق.
وأهل السنة آمنوا بالآية على وجهٍ يستلزم الإيمان بسائر الآيات، ويستلزم