للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُدَّ الشناعة على المعتزلة، وما يجب التشنيع، ولكن المبتدع يُغَيِّرُ الخُلُقَ المعتدل، وقد قال الخليل لقومه: {أفٍّ لَكُمْ ولِما تَعْبُدونَ} [الأنبياء: ٦٧] وهو الذي وصفه الله بأنه حليمٌ أوَّاهٌ مُنيبٌ، وقال موسى عليه السلام لصاحبه: {إنَّك لَغَويٌّ مُبينٌ} [القصص: ١٨]، وقال يوسف لإخوته: {أنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً} [يوسف: ٧٧] وهو الكريمُ ابنُ الكريمِ ابنِ الكريمِ ابنِ الكريم (١) كما صح في الحديث (٢).

وقد قدمت في أول هذا الكتاب ما يجري من نحو هذا من الأنبياء وأهل المراتب العَلِيَّة، وقد يُحمد حيث يحتاج إليه ويكون فيه إيقاظٌ للعاقل وتنبيهٌ للغافل.

وقد تم الكلام بعون الله في الإرادة وطال، ومضمونه أن الخلاف فيها في مواضع، فتأملها، فإن الخلاف في بعضها أفحش من بعض.

الأول: القول بأن الله غير قادر على هداية العصاة مطلقاً، ولا بأن يُغيِّر بِنْيَتَهم وخِلْقَتَهم، وهذا خلاف في قدرة الله تعالى على هداية العصاة بأن


(١) " ابن الكريم " ساقط من (ش).
(٢) أخرجه أحمد ٢/ ٣٣٢ و٤١٦، والبخاري في " الأدب المفرد " (٦٠٥)، والترمذي (٣١١٦)، وابن حبان (٥٧٧٦)، والحاكم ٢/ ٣٤٦ - ٣٤٧ و٥٧٠ - ٥٧١ من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد ٢/ ٤٣١، والبخاري (٣٣٥٣) و (٣٣٧٤) و (٣٣٨٣) و (٣٤٩٠) و (٤٦٨٩)، ومسلم (٢٣٧٨) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه (وبعضها ليس فيه " عن أبيه ")، عن أبي هريرة قال: سُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الناس أكرم؟ قال: " أكرمهم عند الله أتقاهم " قالوا: ليس عن هذا نسألُك، قال: " فأكرم الناس يوسُف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله ".
وأخرجه أحمد ٢/ ٩٦، والبخاري (٣٣٩٠) و (٤٦٨٨)، والخطيب في " تاريخه " ٣/ ٤٢٦، والبغوي (٣٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>