للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي " الصحيح في ذكر مواقع الفتن كأنها مواقع القَطْرِ " (١).

وفي حرف الفاء من " النهاية " (٢): المؤمن خُلق مُفَتَّناً (٣)، أي: مُمْتَحناً بالذنب. وفي " المسانيد " لهذا المعنى شواهدُ كثيرة.

ولا شك أن الله تعالى لو لم يخلق دواعي الشر، بَطَلَ الابتلاء المعلوم أنه مقصود.

وفي " نوابغ الزمخشري " (٤): العزيز يبتلى من الخطوب بالأعز حتى كأن العُزَّى أخت الأعزِّ، ألا ترى كيف يبتلي الله أحبَّ خلقه إليه بأعظم البلاء، كما ابتلى خليله بالأمر بذبح ولده عليهما السلام، وقال سبحانه: {إنَّ هذا لهو البلاءُ المُبينُ} [الصافات: ١٠٦].

وقد قيل في وجه ذلك: إنه أراد ظهور ما عَلِمَ في الغيب من صحة محبة إبراهيم لربه واستحقاقه مرتبة الخُلَّة حيثُ آثر رضاه في هذا المقام العزيز.

ولذلك ثبت في " صحيح مسلم " و" الترمذي " عن ابن مسعود عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لو كنتُ مُتَّخذاً خليلاً لاتخذتُ أبا بكرٍ خليلاً، لكنَّ صاحبكم خليل الله ". وزاد


(١) أخرجه أحمد ٥/ ٢٠٠، والبخاري (١٨٧٨) و (٢٤٦٧) و (٣٥٩٧) و (٧٠٦٠)، ومسلم (٢٨٨٥) من حديث أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرف على أطُمٍ من آطامِ المدينة، ثم قال: " هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر ".
(٢) ٤/ ٤١٠.
(٣) أخرج أبو يعلى (٤٨٣)، وعبد الله بن أحمد في زوائد " المسند " ١/ ٨٠ و١٠٣ من طريق أبي عبد الله مسلمة الرازي، عن أبي عمرو البجلي، عن عبد الملك بن سفيان الثقفي، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله يحب العبد المؤمن المُفَتَّنَ التوَّاب ". وإسناده ضعيف جداً، وذكره الهيثمي في " المجمع " ١/ ٢٠٠ وقال: رواه عبد الله وأبو يعلى وفيه من لم أعرفه، ونقل الدولابي في " الأسماء والكنى " ٢/ ٦٢ عن أحمد أنه قال: هذا حديث منكر.
(٤) ص ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>