للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينبغي أن نذكر أحدها، وهو حديثُ ابن عباس، قال: سأل أهل مكة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل لهم الصفا ذهباً، ويُنَحِّيَ الجبال عنهم، فيزدرعوا، فقيل له: إن شئت أن نستأني بهم، وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا، أُهلِكُوا كما أهلكتُ مَنْ قبلهم، قال: " بل أستاني بهم "، فأنزل الله عزَّ وجلَّ هذه الآية.

وفي رواية: فدعا فأتاه جبريل، فقال: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهباً، فمن كفر بعد ذلك عذَّبته عذاباً لا أُعذِّبه أحداً من العالمين، وإن شئت، فتحتُ لهم باب التوبة والرحمة، قال: " بل (١) باب (٢) التوبة والرحمة ". قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.

قلت: ويشهدُ لصحة معناه أنه تعالى قال للحواريين لما اقترحوا نزولَ


= أن يُسَيِّرَ عنا هذه الجبال، ويفجِّر لنا الأرض أنهاراً فنتخذها محارثَ فنزرعَ ونأكلَ، وإلاَّ فادعُ الله أن يُحيي لنا موتانا فنكلمهم ويكلمونا، وإلا فادع الله أن يُصَيِّر هذه الصخرة التي تحتك ذهباً فننحت منها ويغنينا عن رحلة الشتاء والصيف، فإنك تزعم أنك كهيئتهم! فبينما نحن حوله إذ نزل عليه الوحي، فلما سُرِّي عنه قال: " والذي نفسي بيده لقد أعطاني ما سألتم، ولو شئت لكان، ولكنه خيرني بين أن تدخلوا من باب الرحمة، فيؤمن مؤمنكم، وبين أن يكِلَكُم إلى ما اخترتم لأنفسكم فتضلوا عن باب الرحمة، ولا يؤمن مؤمنكم، فاخترت باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم، وأخبرني إن أعطاكم ذلك، ثم كفرتم أنه معذبُكم عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين " فنزلت: {وما مَنَعَنا أن نُرسِلَ بالآياتِ إلاَّ أنْ كَذَّب بها الأوَّلون} [الإسراء: ٥٩] حتى قرأ ثلاث آيات، ونزلت: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} الآية [الرعد: ٣١].
وذكره الهيثمي في " المجمع " ٧/ ٨٥ وقال: رواه أبو يعلى من طريق عبد الجبار بن عمر الأيلي عن عبد الله بن عطاء بن إبراهيم وكلاهما وثق وقد ضعفهما الجمهور.
وأورده السيوطي في " الدر المنثور " ٤/ ٦٥٢ وزاد نسبته إلى أبي نعيم في " دلائل النبوة " وابن مردويه.
(١) ساقطة من (أ).
(٢) ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>