وقد اختلف الأئمة في أمره: فمنهم من قال: حديثه كله واحد، وهو ضعيف، وهو المشهور عن يحيى بن معين، وقال به الجوزجاني، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والدارقطني، وقال: ويعتبر بما يروي عنه العبادلة، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن خراش: لا يُكتب حديثه. قال أبو زرعة: سماع الأوائل والأواخر منه سواء إلاَّ أن ابن وهب وابن المبارك كانا يتبعان أصوله، وليس ممن يحتج به. وقال ابن مهدي: ما أعتدُّ بشيء سمعته من حديث ابن لهيعة إلاَّ سماع ابن المبارك ونحوه. وقال الترمذي في " الجامع " ١/ ١٦: ابن لهيعة ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره من قبل حفظه. ومنهم من وثقه في نفسه وصحح رواية من روى عنه قبل احتراق كتبه وعليه العمل: قال أحمد: من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه؟ وقال أحمد بن صالح: كان ابن لهيعة صحيح الكتاب طَلاَّباً للعلم. وقال سفيان الثوري: عند ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع. وقال أبو الطاهر بن السرح: سمعت ابن وهب يقول: حدثني -والله- الصادق البار عبد الله بن لهيعة، قال أبو الطاهر: فما سمعته يحلف بهذا قط. وقال ابن عدي: أحاديته أحاديث حسان مع ما قد ضعفوه فيكتب حديثه وقد حدث عنه مالك، وشعبة، والليث. وقال الفسوي: سمعت أحمد بن صالح يقول: ابن لهيعة صحيح الكتاب كان أخرج كتبه، فأملى على الناس حتى كتبوا حديثه إملاءً، فمن ضبط كان حديثه حسناً صحيحاً، إلا أنه كان يحضر من يضبط، ويُحسن قوم يكتبون ولا يضبطون ولا يصححون، وآخرون نظارة، وآخرون سمعوا مع آخرين، ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتاباً ولم يُرَ له كتاب، وكان من أراد السماع منه ذهب فاستنسخ ممن كتب عنه وجاءه فقرأه عليه، فمن وقع على نسخة صحيحة فحديثه صحيح، ومن كتب من نسخة لم تُضبط جاء فيه خَلَلٌ كثير. =