للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك مثلُ حديث " السعيد من سَعِدَ في بطن أمِّه " (١) على أنه مُفسَّرٌ بحديث ابن مسعود المتفق على صحته كما يأتي في الأخبار، وليس كما تظُنُّه الجبرية.

وقال: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: ٧٨ - ٧٩].

وقوله في آخر هذه: {فمِنْ نَفْسِكَ} محمولٌ على السبب الذي سبق من الربِّ تقديره بدليل قوله: {ما أصابَكَ} ولو كان معصية لقال: ما أصَبْتَ كما ذلك معروف، فهو كقوله تعالى: {ما أصابَ من مُصيبةٍ إلاَّ بإذنِ اللهِ} [الحديد: ٢٢].

وقوله تعالى: {وفي ذلِكُمْ بَلاءٌ من ربِّكم عظيمٌ} بعد قوله: {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة: ٤٩].

وقوله: {وليس بِضارِّهم شيئاً إلاَّ بإذنِ الله} [المجادلة: ١٠] وإنما نسبه إلى العبد، لأنه حدث من العبد فعل سببه واختياره.

ونظيره قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥) وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} [آل عمران: ١٦٥ - ١٦٧].

فجمعت هذه الآية مذاهب أهل السنة في تقدير أفعال العباد الاختيارية بقوله: {مِنْ عندِ أنفُسِكم} وسبق تقديرها من الله تعالى بقوله: {فبإذن الله}.


(١) سيأتي تخريجه ص ٤١٧. وحديث ابن مسعود سيأتي ص ٣٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>