للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمرادُ بالشر هنا -إن صح الحديث- الأمراض وسائر البلاوي، فإنها من الله، وإن كانت أسبابها من العباد على ما سيأتي بيان النصوص على ذلك في آخر الكلام على أفعال العباد.

ألا تراه يقول في آخره: " وكُلٌّ يعمل " ففرَّق بين العمل والقدر، فأضاف كلاًّ إلى من هو منه، ولو قدرنا فيه شبهة، وجب تقديمُ القواطع عقلاً وسمعاً، كقوله تعالى: {قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أنفُسِكُم} [آل عمران: ١٦٥]، {ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله} [آل عمران: ٧٨]، وقول الكليم عليه السلام: إنه من عمل الشيطان (١). وما لا يحصى من ذلك كما سيأتي مبسوطاً شافياً في خاتمة مسألة الأفعال.

السادس والستون: عن الوليد بن عبادة، أن عبادة لما حُضِرَ (٢) قال له ابنه عبد الرحمن: أوصني، قال له: يا بني اتق الله، ولن تتقي الله حتى تؤمن بالله، ولن تؤمن بالله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليُصيبك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " القدر على هذا، من مات على غيره، دخل النار ".

وفي رواية: لم يطعم طَعْمَ الإيمان، وإنك لم تبلغ حقيقة العلم بالله حتى تؤمن بالقدر.

رواه الترمذي (٣) موقوفاً باختصار، ورواه الطبراني في " الكبير " بأسانيد، وفي


= فقال: هذا حديث عندي موضوع. وقال العقيلي: لم يأت به عن ابن لهيعة غير المقرىء، ولعل ابن لهيعة أخذه عن بعض هؤلاء عن عمرو بن شعيب.
(١) أشار بهذا إلى قوله تعالى في سورة القصص آية رقم ١٥ في قصة الفرعوني الذي وكزه موسى فقضى عليه {قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ}.
(٢) يقال: حُضِرَ المريض واحتُضِرَ: إذا نزل به الموت.
(٣) رقم (٢١٥٥) وليس فيه قوله " القدر على هذا ... "، وفي إسناده عبد الواحد بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>