للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولولا يكون العفو والجود محكماً ... ونعتُ الكمال مستحيلٌ بديله

ودلَّ عليه نعتُه (١) وصفاتُه ... وأسماؤه الحسنى ودلَّتْ عدوله

ودلَّ (٢) عليه حكمة وتواترت ... شرائعه فينا به ونُقُولُه

وهذا إلى ما ليس يُحصى إشارةً ... يُبَيِّنُها تفصيله وفصوله

ولكنَّ منه ما أُسِرَّ حديثهُ ... فَدَقَّ على من لم يسر جليله

وألطف منهم ما طوى الغيب علمهُ ... فعزَّ على أهل الخُصوص حُصُولُه

وفي كَتْمِهِ تأويله من كليمه ... دواءٌ لمن أعْيَى الأُساة سبيله

فبُشراي بعد اليأس وهو حظيةٌ ... بوجدان ما كان العَذُول يُحيله

وهذه مقدمةٌ تخضع لها النفوس المدعية للذكاء إن بقي فيها (٣) التفاتٌ إلى شيء من الأدب والحياء، وبعدها نسرد ما بيَّنه الله تعالى من ذلك، وأنزله سبحانه على قدر علمنا لا على قدر علمه الذي لا يمكن تصوُّر البشر له إلاَّ بالإيمان بمثل قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: ٢٧].

وقد أجاد البوني حيث قال: إن نسبة علم الخلق إلى علم الحق مثل نسبة لا شيء إلى ما لا نهاية له.

واعلم أن القدر السابق أقسام:

فمنه: ما لا يصح أن يُعَلَّل، وهو علم الله السابق، لأنه من صفات الله الواجبة، وعَدَمُهُ محالٌ على الله تعالى، فلا يقال: لِمَ سبق في علمه.

ومنه: ما هو تَبَعٌ للعلم، ولا أثر لمجرده في العمل كالكتابة والإعلام


(١) في (ش): فعله.
(٢) في (ش): ودلَّت.
(٣) في الأصول: " فيه "، والجادة ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>