للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه وتعالى، وتقريرُ ذلك في الكلام.

وقال الشهرستانيُّ في " نهايته ": ولذلك اتفق المتكلِّمون بأسرهم على أن العلم يَتْبَعُ المعلوم، فيتعلق به على ما هو عليه، ولا يُكْسِبُه صفةً، ولا يكتسب عنه صفةً.

وقال ابن عبد السلام في أواخر " قواعده " (١) في فصلٍ ذكره في البدع وأقسامها، إلى قوله: وللبِدَع المُحَرَّمة أمثلةٌ، منها: مذهب القدرية، ومنها: مذهب الجبرية، ومنها: مذهب المرجئة، ومنها: مذهب المُجَسِّمَة، والرَّد على هؤلاء من البدع الواجبة. انتهى بحروفه.

وهو يكفي في تأويل ما يخالفه من الظواهر في كتابه " القواعد "، وهذا وإن كان له عبارةٌ رَدِيَّةٌ في بعضه تُوهم أن الله تعالى عذَّب العصاة على نفس ما خلقه فيهم بغير سببٍ آخر، وهذا خطأ منه، وشرُّ عبارةٍ مع اعترافه بنفي الجبر وثبوت الاختيار، فإن المقابل بالجزاء هو غير الأمر المخلوق في السمع والعقل، ولكنهما اتَّحدا في الذات على قول، وتمايزا (٢) فيها على القول الآخر، كما مر تحقيقه، وإلا أدَّى إلى (٣) القول بالجبر الذي صح تزييفه (٤)، فتأمل ذلك.

وقال البغوى (٥) في تفسير قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} [البقرة: ٧]: اختلف العلماء في إسناد الختم إلى الله تعالى، فقيل: هي (٦) علامةٌ جعلها الله تعالى على قلوبهم تعرفهم الملائكة، وقيل غير ذلك،


(١) ص ١٧٣.
(٢) في (أ): ربما يرا، وهو تحريف.
(٣) " إلى " سقطت من (أ).
(٤) في (ش): ترهيقه، وهو خطأ.
(٥) " معالم التنزيل " ١/ ٤٩، ونص كلامه: {خَتَمَ اللَّهُ} أي: طبع الله {عَلَى قُلُوبِهِمْ} فلا تعي خيراً ولا تفهمه، وحقيقة الختم: الاستيثاق من الشيء كي لا يدخله ما خرج منه، ولا يخرج عنه ما فيه، ومنه الختم على الباب. قال أهل السنة: أي حكم على قلوبهم بالكفر لما سبق من علمه الأول فيهم، وقال المعتزلة: جعل على قلوبهم علامة تعرفهم الملائكة بها.
(٦) في (ش): هو.

<<  <  ج: ص:  >  >>