للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام، وأشار إليه في قوله: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: ٧]، وفي قوله: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥ - ٦]، ولم يَرِدِ العكس من ذلك ولا يجوز أن يرد. بل قد صرح الغزالي بذلك في أوائل " إحياء علوم الدين " في كتاب العلم في ذكر علوم المكاشفة منه، فإنه قال: إن مَنْ عَلِمَ علوم المكاشفة، عرف حكمة الله تعالى في خلق الدنيا والآخرة.

وقد أوضحتُ هذا المعنى في آخر مسألة الأفعال، ولعل هذا هو الذي أشار إليه الغزالي، أو بعض ما أشار إليه في خطبة (١) " المقصد الأسنى ": وكيف لا وللبَصِير عن هذه الغَمْرَة صارِفان، إلى قوله:

والثاني: أن الإفصاح عن كُنْهِ الحقِّ فيه (٢) يكادُ يُخالِفُ ما سبق إليه (٣) الجماهير، وفِطَامُ الخلق عن العادات، ومألوفات المذاهب عسيرٌ، وجَنَابُ الحق يَجِلُّ عن أن يكون مشرعاً لكلِّ واردٍ، وأن يَطَّلِع عليه إلاَّ (٤) واحدٌ بعد واحدٍ، ومهما عَظُمَ المطلوب قلَّ المُسَاعِد، ومن خالط الخلق جديرٌ أن يتحامى، ولكن من أبصر الحق عسيرٌ عليه أن يتعامى، ومن لم يعرف الله، فالسُّكوت عليه حَتْمٌ، ومن عرفه، فالسكوت له حَزْمٌ. انتهى.

فإذا عرفت هذا من مذهبه، فينبغي أن يُجمَعَ بينه وبين ما يظن الغبي أنه يخالِفُه، وكان من تمام الصنعة أن يذكر كلامه في تفسير (٥) الرحمن الرحيم بعد كلامه في تفسير الضار النافع، أو يشير إليه كي لا يتوهم الجاهل أن نسبة الضر إلى الله تعالى مع بقاء اسمه ومعناه، وليس كذلك، لأن مفهومه في اللغة: ما هو شرٌّ بلا نَفْعٍ، وذلك ما لا يدخل في فعل أحكم الحاكمين سبحانه


(١) " خطبة " لم ترد في (أ).
(٢) " فيه " لم ترد في (أ) و (ش)، وأثبتها من " المقصد الأسنى " ص ٢٣.
(٣) " إليه " لم ترد في (أ).
(٤) في " المقصد ": وأن يتطلع إليه إلا.
(٥) " تفسير " لم ترد في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>