للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشتق له اسماً مما كان تحت قدرته وتقديره، لزم مناقشة أسمائه الحسنى تعالى عن ذلك.

فأين هذا من اسمه القُدُّوس السُّبُّوح ربِّ الملائكة والروح، وأين من يعرف ذلك حتى يعرف ما يُضادُّه من الأسماء، ويعرف أن السمع لا يَرِدُ بالتناقض والتضاد فيما دون هذا، فالله المستعان.

وما أحسن قول الغزالي في هذا المقام في تفسير القدوس فلنختم به هذا المعنى فنقول: قال في " المقصد الأسنى " (١) في شرح هذا الاسم الشريف ما لفظه: ولستُ أقول: إنه مُنَزَّهٌ عن العيوب والنقائص، فإنَّ ذِكر ذلك يكاد يَقْرُبُ من ترك الأدب، فليس من الأدب أن يقول القائل: مَلِكُ البلد ليس بحائِكٍ ولا حَجَّام، فإن نفي الوجود يوهم إمكان الوجود، وفي ذلك الإيهام نقصٌ، بل أقول: القدوس: هو المنزه عن كل وصف من أوصاف كمال المخلوقين الذي يظنه أكثر الناس كمالاً في حقهم، لأن الخلق أولاً نظروا إلى أنفسهم، وعرفوا صفاتهم، وأدركوا انقسامها إلى ما هو كمالٌ ولكن في حقهم مثل علمهم وقدرتهم وسائر صفاتهم، ووضعوا هذه الأسماء بإزاء هذه المعاني، وقالوا: هذه الأسماء هي الكمال، فإذا أثنوا على الله تعالى، وصفوه بما هو أوصاف كمالهم، وهو منزه عن أوصاف كمالهم، كما هو منزَّهٌ عن صفات نقصهم، بل كُلُّ صفة متصوَّرةٍ للخلق، فهو منزه مقدس عنها وعما يشبهها، ولولا ورود الرخصة والإذن بإطلاقها لم يَجُزْ إطلاق أكثرها (٢). انتهى.

وهو نصٌّ صريح في معنى ما ذكرت من وجوب التحري في تصحيح الإذن الشرعي في اسم الضار ونحوه، وأن الواجب أن لا يطلق من ذلك ما في صحته خلافٌ بين أئمة السنة وعلماء الأثر، ونُقَّاد التصحيح، وحسبك بترك البخاري ومسلم لذلك مع رواية أولِ الحديث.


(١) " المقصد الأسنى ": ص ٦٥.
(٢) في (ش): ذكرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>