للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخصيص العام بالنادر ولمخالفتهم في أن تكليف هذه الدار مع القدرة.

ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: " من تَحَلَّمَ بِحُلُمٍ لَمْ يَرَهُ، كُلِّفَ أن يَعْقِدَ بين شَعِيرَتَيْنِ " (١).

خرجه البخاري، وأبو داود، والترمذي من حديث ابن عباس (٢).

وخرج الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ كَذَبَ في حُلُمِهِ كُلِّفَ عقد شعيرةٍ " (٣).

وفي أحاديث المصورين أنه يقال لهم يوم القيامة: " أحْيُوا ما خلقتم ".

وهي صحاح مشاهير (٤)، ترجم النسائي لها: ذكر ما يكلف أصحاب الصور يوم القيامة (٥)، وساقها.

لا يقال: هذه كلها في دار الآخرة، وليس فيها تكليفٌ وإنما كلامنا في دار التكليف، لأنهم يقولون: عِلَّةُ المنع عندكم ليس شيئاً يرجع إلى الدار إنما هو حُكْمٌ بأن العقل يُقَبِّحُ ذلك، وأنه ظلم مع ترتب العقاب عليه، وعَبَثٌ مع خلاف ذلك، فالآخرة، وإن لم تكن دار تكليف، فليست عندكم دار ظلمٍ ولا يحسن فيها قبيحٌ عقلي.

والأوامر التي لا يراد بها تنجيز التكليف ولا معنى الطلب كثيرةٌ نحو قوله: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: ٦٥]، و {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} [الإسراء: ٥٠ - ٥١]، وقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢]، وقوله: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨]، وقوله: {مُوتُوا} [البقرة: ٢٤٣] فماتوا، وقوله: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} [فصلت: ١١].


(١) في (ش): " شعرتين "، وهو تحريف.
(٢) تقدم تخريجه ٥/ ٢٩٣.
(٣) تقدم تخريجه ٥/ ٢٩٣.
(٤) انظر تخريجها ٥/ ٢٩٣.
(٥) " سنن النسائي " ٨/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>