للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحكمةً" (١)، وهو بمعنى الحكم. ومنه: " الصمت حُكمٌ، وقليلٌ فاعله " (٢).

ومنه: " الخلافة في قريش، والحكم في الأنصار " (٣) لأن أكثر فقهاء الصحابة منهم: معاذٌ وأُبي بن كعبٍ، وزيد بن ثابت.

قلت: وقد جاءت الحكمة مقرونةً بالكتاب في كلام الله تعالى، واتفقوا على تفسيرها بما يرجع إلى معرفة محاسن الأمور من قبائحها. والدليل على تغاير صِفَتَي العلم المجرد والحكمة ما جاء في كتاب الله تعالى من التفرقة الظاهرة بين الحكم والعلم، كآية يوسف عليه السلام المقدمة قريباً، وبين الحكيم والعليم، لورودهما متغايرين في النصوص، كقوله تعالى: {إنَّ الله كان عليماً حكيماً} [الإنسان: ٣٠]، وقوله تعالى: {وهو الحكيم الخبير} [الأنعام: ١٨] وذلك كثيرٌ جداً في كتاب الله تعالى.

على أن دِلالة الفعل المحكم على العلم مستلزمةٌ لدلالة العلم على الحكمة، وذلك أن تخصيص الموجودات بوقوعها على بعض الوجوه دون بعضٍ من الإحكام وموافقة الأغراض أو منافرتها لا تكون إلاَّ بالحكمة المعبَّر عنها في علم الكلام بالدواعي المرجِّحة لبعض المُمكنات على بعض، وإلاَّ أدى إلى ترجيح بعض الممكنات من غير مرجِّحٍ، وهذا يؤدي إلى استغناء العالم عن الباري سبحانه وتعالى. وهذه هي حجة هؤلاء الغلاة من الأشعرية


(١) حديث صحيح، تقدم تخريجه ٣/ ٢٥٠.
(٢) حديث صحيح. رواه ابن حبان في " روضة العقلاء " ص ٤١، والقضاعي في " مسند الشهاب " (٢٤٠) من حديث أنس. ورواه الديلمي في " مسند الفردوس " (٣٨٥١) من حديث ابن عمر، وضعفه الحافظ العراقي في تخريج أحاديث " الإحياء " ٣/ ١٠٨ - ١٠٩، وقال: رواه ابن حبان بسند صحيح عن أنس. وأورده الحافظ في " المطالب العالية " ٣/ ١٩٠، ونسبه لأبي يعلى.
(٣) رواه أحمد ٤/ ١٨٥، والطبراني في " الكبير " ١٧/ (٢٩٨) من حديث عتبة بن عبد السُّلمي، وزادا فيه: " والدعوة في الحبشة "، " والهجرة في المسلمين والمهاجرين بعد " وإسناده حسن، وذكره الهيثمي في " المجمع " ٤/ ١٩٢، وقال: رجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>