للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محتاجاً إلى مثل (١) ذلك.

وهذا مذهب القرامطة، وهذه شبهتهم، والقول بأن وجوب أسماء الله الحسنى له توجب أو بعضها وصفه بالفقر إليها من الباطل الجليِّ، فنسأل الله العافية من البدع والشَّناعات.

ولا معنى -على قولهم- لقول الله تعالى: {ساء ما يحكمون} [العنكبوت: ٤]، ولا لقوله في الجواب على الملائكة: {إنِّي أعلم ما لا تعلمون} [البقرة: ٣٠]، ولا لقوله سبحانه: {أفنجعلُ المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون} [القلم: ٣٥ - ٣٦]، وقوله: {أم تأمُرُهُم أحلامُهُم بهذا} [الطور: ٣٢]، ولا لجواب الخضِرِ على موسى، ولا لتسليم موسى لجوابه دون فعله من غير جوابٍ ولا بيان، ولا لتمدح الرب جل جلاله بأنه أحكم الحاكمين، وخير الرازقين، وأرحم الراحمين، لأن ذلك كله عندهم مساوٍ لأضداده في حكمة الرب ومحض العقل، وهذا تعطيل لأسمائه الحسنى وصفاته العلى، نسأل الله الهدى، ونعوذ بالله من الرَّدى.

على أن السنن الصِّحاح قد جاءت بصريح ذلك، مثل ما ثبت في " الصحيحين " وغيرهما من قوله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه: " لا أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك أرسل الرسل وأنزل الكتب ".

وقد تقدم أن ما قرره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ولم يُشعروا بتأويله، أنه يحرُمُ تأويله، لأنَّ العادة تقضي بأنه غير مؤوَّلٍ ضرورة.

وقد اقتصرت على ذكر هذه الآيات، ولم أُورِدْ ما في معناها من الأحاديث، ولا أوردتُ وجه الاحتجاج بها، ونقل كلام أئمة أهل السنة في تفسيرها، لأن دلك يحتاج إلى تأليفٍ مستقلٍّ، والمسألة أجلى من أن نتكلم في ردها، وليس فيها شبهةٌ إلاَّ جلالة من قال بها في القلوب، وشهرتهم بالتدقيق في العلم،


(١) في (ش): " جميع ".

<<  <  ج: ص:  >  >>