للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشيعة أبي الدوانيق (١) قاتل محمد بن عبد الله (٢) وأخيه إبراهيم عليهما السلام، وشيعة هارون الرشيد قاتل يحيى بن عبد الله (٣)، لأنهم يعتقدون بغي من خرج على المُتَغَلِّب الظالم، كما صرح به ابن بطَّال، ويصوّبون (٤) قتل الذين يأمرون بالقسط من الناس، لأنهم بغاةٌ على قولهم.

أقول: اشتمل كلام السيد هنا على أوهامٍ كثيرةٍ، وهي تبين بالكلام على فصولٍ:

الفصل الأول: في بيان أن الفقهاء لا يقولون بأن الخارج على إمام الجَوْرِ باغٍ، ولا آثمٌ، وهذا واضحٌ من أقوالهم، ومعلومٌ عند أهل المعرفة بمذاهبهم، ويدلُّ عليه وجوهٌ:

الوجه الأول: نصُّهُم على ذلك وهو بَيِّنٌ لا يُدفع، مكشوفٌ لا يتقنَّع، قال النووي في كتاب " الروضة " (٥) ما لفظه: الباغي في اصطلاح العلماء: هو


(١) أبو الدوانيق: هو لقب الخليفة العباسي الثاني أبي جعفر المنصور المتوفى سنة ١٥٨. قال الذهبي في " السير " ٧/ ٨٣: كان يلقب أبا الدوانيق، لتدنيقه ومحاسبته الصناع لما أنشأ بغداد، وقال: كان فحل بني العباس هيبةً وشجاعة ورأياً وحزماً ودهاءً وجبروتاً، وكان جمَّاعاً للمال، حريصاً، تاركاً للهو واللعب، كامل العقل، بعيد الغور، حسن المشاركة في الفقه والأدب والعلم.
(٢) هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الملقب بالنفس الزكية.
خرج هو وأخوه إبراهيم بن عبد الله على أبي جعفر المنصور. قتلا سنة (١٤٥) هـ. انظر " السير " ٦/ ٢١٠ - ٢٢٤.
(٣) هو يحيى بن عبد الله بن الحسن، أخو محمد وإبراهيم ابني عبد الله السالف ذكرهما، دعا إلى نفسه بالخلافة، ومات محبوساً في خلافة هارون الرشيد سنة ١٨٠ هـ. انظر " تاريخ بغداد " ١٤/ ١١٠ - ١١٢.
(٤) في (ش): " وتصويب ".
(٥) ١٠/ ٥٠ واسمه الكامل " روضة الطالبين وعمدة المفتين " اختصره الإمام النووي من كتاب أبي القاسم عبد الكريم الرافعي " فتح العزيز في شرح الوجيز " اختصاراً مركزاً بحيث =

<<  <  ج: ص:  >  >>