للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: إن طاعة المتغلِّب (١) خيرٌ من الخروج عليه، لما في ذلك من تسكين الدهماء، وحقن الدماء، ولو كان الخروج حراماً قطعاً، والطاعة واجبةً قطعاً، لم يقل: إن الطاعة خيرٌ من الخروج، كما لا يقال: إن صوم رمضان خيرٌ من فِطْرِهِ، لأنهما لم يشتركا في الخير حتى يُفاضَلَ بينهما فيه، وإنما يقال ذلك مجازاً، والظاهر في الكلام عدم التجوز (٢)، ولذلك لم يقل أحدٌ (٣) ببقاء الحكم على مفهوم قوله تعالى: {وأن تصوموا خيرٌ لكم} [البقرة: ١٨٤]، بل قيل:

منسوخٌ، وقيل: لأهل الأعذار، فالسيد ظن أن كلام ابن بطَّالٍ حجَّةٌ له، وهو حجةٌ عليه، فأُتِيَ مما هو مستند إليه.

ومثل كلامه (٤) هذا كلام أبي عمر بن عبد البر في " الاستيعاب "، فإنه قال (٥) في الكلام على حديث مالكٍ، عن يحيى بن (٦) سعيدٍ، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه، عن جدِّه، قال: " بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في العسر واليُسر والمَنْشطِ والمكره، وأن لا نُنازِع الأمر أهله " (٧).

قال ابن عبد البر: واختلف الناس في معنى قوله: " وأن لا ننارع الأمر أهله " فقال قومٌ: هم أهل العدل والفضل والدين، وهؤلاء لا ينازَعُون، لأنهم أهل الأمر على الحقيقة.

وقال أهل الفقه: إنما يكون الاختيار في بدء الأمر، ولكن الجائر من الأئمة إذا أقام الجهاد والجُمُعة والأعياد، سكنت له الدَّهماء، وأنصف بعضها من


(١) في (ش): المتغلب طاعته.
(٢) في (ش): التجويز.
(٣) ساقطة من (د) و (ف).
(٤) كتب فوقها في (ش): " أى: كلام ابن بطال ".
(٥) في (د) و (ف): " قال فإنه ".
(٦) تحرف في (ش) إلى: " أبي ".
(٧) الحديث في " الموطأ " ٢/ ٤٤٥ - ٤٤٦. وانظر تمام تخريجه في " صحيح ابن حبان " (٤٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>