للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يقبل منها إذا أنكرت الرضا بعد ذلك، وأمثال ذلك، بل أوضح من هذا صحة عقُود الأخرس بالإشارة والعلم بكثير فما يرضى به ويحبه.

الوجه السابع: أن صاحب هذه الشبهة علق الحكم بالعلم بما في باطن يزيد، وليس الحكم يتعلق بذلك شرعاً، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسر عمه العباس يوم بدرٍ، ولما ادعى العباس ذلك اليوم أنه كان مكرهاً، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: " أمَّا ظاهرك، فكان علينا ". وأخذ منه الفداء (١).

وروى البخاري في " الصحيح " في كتاب الشهادات (٢) عن عمر بن الخطاب أنه قال: إن أناساً كانوا يُؤخذون بالوحي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن الوحي قد انقطع، فمن أظهر لنا خيراً أمِنَّاه وقرَّبناه، وليس لنا من سريرته شيءٌ، ومن أظهر لنا سوءاً، لم نأمنهُ ولم نقرِّبه (٣)، ولم نصدقه، وإن قال: سريرتُه حسنةٌ. انتهى كلامه رضي الله عنه.

والفرق بين هذا الوجه وبين الوجه الأول. أن الحجة في هذا من السمع والأثر والحجة في الأول من (٤) النظر والجدل.

الوجه الثامن: أنا لو قدرنا ما لم يكن من عدم رضا يزيد بقتل الحسين عليه السلام، فإنه فاسقٌ متواتر الفسق والظلم، شرِّيب الخمر، كما قال أبو عبد الله الذهبي في حقه (٥): كان ناصبياً جِلفاً فظّاً غليظاً، يتناول المسكر، ويفعل المنكر، وهذا يبيح سبَّه ويُغضِبُ ربه، ولو لم يكن له إلاَّ بغضُ أمير المؤمنين


(١) انظر " طبقات ابن سعد " ٤/ ١٤، و" تاريخ الطبري " ٢/ ٤٦٥ - ٤٦٦، و" سير أعلام النبلاء " ٢/ ٨١ - ٨٢، وقد تقدم ٢/ ٢٩٢.
(٢) برقم (٢٦٤١)، وقد تقدم ٢/ ٢٩١.
(٣) في (د) و (ف): " نعرفه "، وهذه اللفظة لم ترد عند البخاري.
(٤) " من " ساقطة من (ش).
(٥) في " النبلاء " ٤/ ٣٧ - ٣٨، وقد تقدم ص ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>