ما في السنة مما يُوجب تأويلَ الظاهر، وتخصيصَ العام مع تشكيكِهِ في معرفة السنة، فأشكل حينئذٍ معرفةُ معنى القرآن، ثم شكك في معرفة اللُّغة والعربية اللَّتيْنِ هما عمودُ تفسيرِ الكتاب والسنة، ثم منع صحتهما عن اللغويين والنحويّين، وصرَّح بأن اتِّصال الرواية الصحيحة بهم متعذِّرٌ.
هكذا أطلق القول بهذا، وجزم به، وقطعه عن الشك والتردد، ولم يُبال بما يلزم منه مِن سدِّ باب رجوعِ المسلمين إلى كتاب ربِّهم -سبحانه وتعالى- الذي أنزله عليهم نوراً وهدىً وعِصْمَةً للمتمسك به أبداً، والقرآن الكريمُ هو عِصمةُ الأمة عند مَوْر بِحَارِ الضَّلالات إلى يوم القيامة، وليس عصمةً للقرن الأول من هذه الأمة، ولا لِلقَرن الثاني والثالث، بل هو حُجَّةُ الله العُظْمى على جميع عباده إلى يومِ يلْقَوْنَهُ.
ثم إن السَّيِّد شَكَّكَ في قبول النحويِّين واللغويِّين على تسليمِ صحة الرواية عنهم، وثبوتِ اتِّصالها بهم، فقال: إن قَبولَها منهم على سبيلِ التقليدِ لهم. ومنع من التفسير بهذا الوجه، وهذا ما لم يَقُلْ به أحد. وليت شعري!! كيف الاجتهادُ في ثبوت لغة العرب؟ وهل ثَمَّة طريقٌ إليها إلا بقولِ الثقات، مثل ما أنه لا معنى للاجتهاد في ثبوت الأحاديث النبوية إلا قبول الثقات، ومتى كان قبول الثقات تقليداً عند السَّيِّد، فهل يُوجب على المجتهدين أن يُحيوا الموتى مِن العرب، ثم يسألوهم عن العربية فيأخذوها عنهم مشافهةً مِن غير تقليد؟! أو كيف السبيلُ عنده إلى معرفة اللغة العربية بعد منعه من قبول الرواة، وتعليله لذلك بكونه تقليداً لهم لا بكونهم مجروحين ولا مجهولين؟! فأما المتواتراتُ الضرورياتُ، فلا تكفي المجتهد، ولا تُسمَّى معرفتُها فقهًا ولا اجتهاداً. وقد أجمع العلماءُ مِن جميع طوائف الإسلام قديماً وحديثاًً على قبول الثقات فيما لا يدخله النظر