للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لرأيت أنه إسرافٌ، وإنا كنا نسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزلنا منزلاً، فنام رجلٌ من القوم ففزَّعه رجلٌ، فسمع [ذلك] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " لا يحلُّ لمسلمٍ تفزيعُ مسلمٍ ".

ولعل البخاري ما خرَّج هذا (١) المعنى عن ابن عمر في مواضع في " صحيحه " إلاَّ لينفي التُّهمة عن ابن عمر بذلك، ومن كان يقدر على الكلام بذلك في ذلك العصر؟

وأحسن من هذا كله في الشهادة لابن عمر بالبراءة من موالاة أعداء أهل البيت عليهم السلام ما رواه إمام التشيع أبو عبد الله الحاكم في كتاب الفتن من " المستدرك " عن مالك بن مِغْوَلٍ، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال لرجل يسأله عن القتال مع الحجاج أو مع ابن الزبير؟ فقال له ابن عمر: مع أي الفريقين قاتلت، فقُتِلْتَ، ففي لظى. قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه (٢).

قلت: فانظر إلى أئمة الحديث من الفريقين، ما أوسع معرفتهم وأكثر إنصافهم! كما أوضحت ذلك في أول هذا الكتاب عند ذكر حديث المتأولين، وظهور قرائن صدقهم، وهذا كله نقيض ما ذكره المشنِّع (٣) على أهل السنة، من قوله: إنهم يصوِّبون يزيد في قتل الحسين عليه السلام، فالله المستعان.

وكذلك فرَّقت الأحاديث بين الظلمة، كما فرَّق بينهم أهل السنة، ففي الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لما وصف لهم أئمة الجور، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: " لا، ما أقاموا فيكم الصلاة ". رواه مسلم والترمذي وأبو داود من حديث [أم


(١) " هذا " ساقطة من (ف).
(٢) " المستدرك " ٤/ ٤٧١، ووافقه الذهبي على تصحيحه.
(٣) في (ش): " المتشيع " وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>