للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسيد بن حضير في قوله لسعد بن عبادة، والحسن البصري في قوله بنفاق صاحب الكبيرة.

ولاختلاف المسلمين والصالحين (١) في هذه الطبيعة أثرٌ عظيمٌ مرجِّحٌ لمن غلب عليه ما وافق طبع صاحبه من الأدلة وصاحبه لا يشعر بأنه المرجح لذلك، ومن هنا اختلف الحسن بن علي عليهما السلام وأصحابه أو أكثرهم في استحسان صُلْحِهِ لمعاوية، حتى دعوه -حاشاه- مسوِّدَ وجوه المسلمين، ومُذِلَّ رقاب المؤمنين، كما هو معروفٌ في كتب التاريخ، ومن هنا كره كثيرٌ من الصحابة صُلح الحديبية، حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه -على جلالته-: ما شككت في الإسلام إلاَّ يومئذ (٢). ثبت ذلك عنه في " الصحيح ".

فليحذر العارف مثل ذلك أعني أن يظن ما ثبث في قلبه من قوة الأمن


(١) " والصالحين " لم ترد في (ف).
(٢) هذه الجملة قطعة من حديث مطول أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " (٩٧٢٠) عن معمر، عن الزهري، عن عروه بن الزبير، عن مسور بن مخرمة ومروان بن الحكم.
وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " (٤٨٧٢) والبيهقي في " دلائل النبوة " ٤/ ٩٩ - ٨ - ١ من طريق عبد الرزاق بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٧٣١) و (٢٧٣٢)، وأحمد ٣٢٨، والبيهقي في " السنن " ٩/ ٢١٨ - ٢٢١ من طريق عبد الرزاق به. لكن لم ترد عندهم هذه الجملة.
قلت: قال السهيلي في " الروض الأنف " ٤/ ٣٧ تعليقاً على قول عمر هذا: وفي هذا أن المؤمن قد يَشُكُّ، ثم يُجَدِّدُ النظر في دلائل الحق، فيذهب شَكُّه، وقد روي عن ابن عباس أنه قال: هو شيء لا يسلم منه أحد، ثم ذكر ابن عباس قول إبراهيم عليه السلام: {ولكن ليطمئن قلبي} والشك الذي ذكره عمر وابن عباس: ما لا يُصِرُّ عليه صاحبه، وإنما هو من باب الوسوسة التي قال عليه السلام مخبراً عن إبليس: الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة.
قلت: وفي رواية ابن إسحاق كما في " سيرة ابن هشام " ٣/ ٣٣١: فكان عمر يقول: ما زلت أتصدَّق وأصوم وأصلي وأعتِقُ من الذي صنعت يومئذ، مخافة كلامي الذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>