للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاحتجاجُ ها هنا بغيره، من ذلك الحجةُ العقلية في العمل بالظنِّ، وتقريرها معروف وهي قويِّة جداً.

ومنها حديثُ ابن عمر مرفوعاً: " ما حَقُّ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ لَه شَيءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْن إلا وَوَصِيَّتُه مَكتُوبَةٌ عِنْدَهُ " متفق على صحته (١).

قال ابن تيميَّة عبد السلام (٢): رواه الجماعة، واحتج به منْ يَعْمَلُ بالخَطِّ إذا عُرِفَ.

قلتُ: العلة في المعرفة ظن الصحة، فالتعليلُ به أولى من المعرفة.

ومنها عن ابن عباسٍ لما نزلت {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: ٩٧] قال: كان قومٌ بمكة قد أسلموا، وكانوا مستخفين بالإسلام، فلما خرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر وخرج المشركون، أخرجوهم معهم مكرهين، فأصيب بعضُهم يومَ بدرٍ مع المشركين، فقال المسلمون: أصحابنا هؤلاء كانوا مسلمين، أخرجوهم مكرهين، فاستغفِروا لهم، فنزلت، كتبوها إلى منْ بَقِيَ منهم بمكة، فخرجوا حتَّى إذا كانوا ببعض الطَّرِيقِ ظهر عليهم المشركون وعلى خروجهم، فلحقوهم، فردُّوهم، فرجعوا معهم فنزلت {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: ١٠]. فكتب المسلمون إليهم بذلك فنزلت: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ


(١) أخرجه البخاري (٢٧٣٨) ومسلم (١٦٢٧) ومالك ٢/ ١٣، والترمذي (٩٨١) والنسائي ٦/ ٢٣٨ - ٢٣٩، وابن ماجة (٢٦٩٩)، وأبو داود (٢٨٦٢)، والطبراني في " الكبير" (١٣١٨٩) والبغوي في شرح السنة (١٤٥٧).
(٢) هو الإمام أبو البركات شيخ الحنابلة مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني المعروف بابن تيمية جد شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم المتوفى سنة ٦٢١ هـ. وكلامه هذا في " المنتقى " ٦/ ١٤٢ مع شرحه نيل الأوطار في أوله كتاب الوصايا.

<<  <  ج: ص:  >  >>