للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البرِّ في " التمهيد " (١)، وقد حمل بعضهم الوهم على مالك، فتوبع مالك (٢) وتخلص من ذلك، واستقرَّ الوهم فيه على الزهري ودل على وهمه فيه اضطرابُه.

وقد تتبَّعتُ كثيراً مما تفرد به، فوجدته مما يقتضي الاحتياط في الدين، كحديث تحريم المتعة عن علي عليه السلام، وحديث حدِّ الأمة المحصنة، وتأويله حديث ذي اليدين، مما تقدم كتأويل الأصحاب، وغير ذلك مما تفرَّد به، والذي حملهم على روايته مع شذوذه فيه وإعلاله هو محبة الاحتياط.

وللزهري مذهبٌ رديءٌ في الرواية ينبغي الاحتراز منه، والتَّيقُّظ له، وهو إدراج رأيه في آخر الحديث، ذكره ابن عبد البر في موضعين من " التمهيد "، وروايته بفعل ذلك في الاحتياط والتشديد، وهو أقبح ما قُدِحَ فيه به، والله يحب الإنصاف.

الرابع: قوله بعد روايته لكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة- صدقة الإبل والغنم والوَرِقِ ما لفظه: وليس في الذهب صدقةٌ حتى يبلغ صرفها مئتي درهم، ففيها خمسة دراهم، ثم في كل شيءٍ يبلغ صرفه أربعين درهماً درهمٌ حتى يبلغ أربعين ديناراً، ففيها دينارٌ، إلى آخر كلامه في السواني من الإبل والبقر.

قال ابن عبد البر: ليس ذلك في شيءٍ من الأحاديث المرفوعة إلاَّ في حديثه هذا، وهو من رأيه أدرجه في آخر الحديث، وكثيراً ما كان يفعل ذلك.

التنبيه الثاني: أنه ليس بيني وبين هذا الرجل قرابةٌ ولا صحابةٌ، ولا له علي إحسانٌ، ولا أنا أدعي صحة جميع ما في كتب الحديث، فبطلت أسباب العصبية، وأعوذ بالله من العصبية، وإن وُجِدَتْ أسبابها، كيف ولم توجد؟ وإنما أردت بكلامي في هذا الموضع والتطويل بل فيه بيان عُذري في قبول الزهري، وأنه (٣) غلب على ظني صدقه وعدالته في بعض الرواية، وذلك حيث يصرِّحُ


(١) ٩/ ٩٥.
(٢) قوله: " فتوبع مالك "، ساقط من (ش).
(٣) في (ش): " وإن ".

<<  <  ج: ص:  >  >>