للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة له في الخارج، فكذلك غيره في اليقظة مثله في النوم، لأنه على هذا (١) يكون في حال نومه كمن غمض عينيه، وسدَّ أُذنيه، لا يغيب عنه إلاَّ إدراك الحواسِّ، وقلبه محفوظٌ، ولهذا قال ذلك تعليلاً، لكون نومه لا ينقض وضوءه، وفي هذه الحجة مباحث تركتها اختصاراً.

الحجة الثالثة: قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: ١٥٧]، وهي محتملةٌ لا يظهر فيها مرادهم والله أعلم.

الحجة الرابعة: قوله عليه السلام: " عُرِضَتْ علي الجنة والنار في عُرض هذا الحائط " (٢)، فإنه عليه السلام قال ذلك في حال اليقظة، في حال صلاة الكُسوف كما ذلك معروف في كتب الحديث (٣)، ويستحيل أن تكون الجنة والنار


= والدارمي ٢/ ١٢٩، وابن حبان من حديث أبي موسى الأشعري مرفوعاً: " رأيت في رؤياي أنِّي هززتُ سيفاً فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد، ثمَّ هززته أخرى فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء به الله من الفتح واجتماع المؤمنين، ورأيت فيها بقراً والله خير، فإذا هم المؤمنون يوم أحد ".
(١) " على هذا " ساقطة من (ش).
(٢) قطعة من حديث مطول أخرجه البخاري (٧٢٩٤)، ومسلم (٢٣٥٩)، وابن حبان (١٠٦) من حديث أنس رضي الله عنه، وانظر تمام تخريجه فيه.
(٣) المعروف في كتب الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك بعد صلاة الظهر، فقد روي البخاري (٥٤٠) من حديث أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج حين زاغت الشمس فصلَّى الظهر، فقام على المنبر فذكر الساعة، فذكر أن فيها أموراً عظاماً ثم قال: " من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل، فلا تسألوني عن شيء إلاَّ أخبرتكم ما دمت في مقامي هذا ". فأكثر الناس في البكاء، وأكثر أن يقول: " سلوني ". فقام عبد الله بن حذافة، فقال: من أبي؟ قال: " أبوك حذافة " ثم أكثر أن يقول: " سلوني ". فبرك عمر على ركبتيه، فقال: رضينا بالله ربَّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً. فسكت. ثمَّ قال: " عُرِضَتْ عليَّ الجنة والنار آنفاً في عُرض هذا الحائط، فلم أر كالخير والشر ". =

<<  <  ج: ص:  >  >>