للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتصحيفهم، وقد تكلَّف ابن مالكٍ (١) الرد عليهم وتطلب الشواذ للاحتجاج عليهم، ورد عليه أبو حيان (٢).

ولا شك أن الحكم بالوهم عزيزٌ، ويحتاج إلى تثُّبتٍ كثيرٍ، والتَّكلُّفُ في تطلب (٣) الشواذ بعيدٌ أيضاً، وخيرُ الأمور أوسطها.

ومن أنواع الوهم: رفع الموقوف، وفيه خللٌ كثيرٌ، فإن الصحابي من جملة البشر، ويجوز عليه الخطأ في عقيدته وسائر أحواله، وقد يحسب الذي سمع الحديث مسنداً إلى الصحابي أنه حديثٌ نبويٌّ بشُبهتين:

إحداهما: الإسناد كما تُسنَدُ الأحاديثُ.

وثانيهما: كون المحدِّث قبل ذلك وبعده إنما يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ومن أنواع الوهم: الإدراج (٣) وهو في الخلل مثل الذي قبله، ومثاله: أن يتكلَّم الصحابي بكلامٍ من نفسه بعد الفراغ من رواية الحديث، والسامع يحسب أن ذلك الكلام من جملة الحديث النبوي، وقد يكون الإدراج من كلام الصحابي والتابعي ومن دونهما.

ومن أنواعه: الوهم في الأسماء، مثل أن يسمع الحديث من ابن الزبير، فيظنه عبد الله، وليس به، وإنما هو اليمني، أو العكس.

وقد يقع بذلك خللٌ كثيرٌ، فإن الثقة وغير الثقة قد يشتركان في الاسم، وفي اسم الأب أيضاً، ويشتركان في الكُنية، فيكون الحديث مرويّاً عن الضعيف، والسامع لا يعرف ذلك الاسم إلاَّ للثقة، فيرويه عن الثقة مصرحاً من اسمه وكنيته


(١) هو جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الأندلسي المتوفى سنة ٦٧٢ هـ. انظر ترجمته في " طبقات الشافعية " للسبكي ٥/ ٢٨.
(٢) هو محمد بن يوسف بن علي بن حيان الأندلسي المتوفى سنة ٧٤٥ هـ. انظر ترجمته في " طبقات السبكي " ٦/ ٣١.
(٣) انظر بحث الادراج بتوسع في " توضيح الأفكار " ٢/ ٥٠ - ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>