للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأزهار والأنوار، وقد فسَّروا ضحك الرب برضاه، وقد ذكر ابن متوية ضحك الأرض في المجاز، وأنشد في ذلك:

تضحك الأرضُ من بكاء السماء.

وقد أذكرني في (١) هذا بليلةٍ عجيبةٍ كانت اتَّفقت لي، فقلت فيها:

وليلةٍ ضَحِكَتْ أنوارُها طَرَباً ... بروقُها وزهور الرَّوض والقمرُ

فَكِدْتُ أضحكُ لولا حَنَّ رَاعِدُها ... حنينَ شاكٍ ولولا أن بكى المطرُ

فذكَّرَ الرَّعدُ قلبي في تَحَنُّنه ... حنين خِلِّيَ لما أن دنا السفرُ

فنُحتُ حتى تباكَتْ كلُّ ضاحكةٍ ... من الثلاث وحتى رقَّ لي الشجرُ

وهذا المعنى مطروقٌ مشهورٌ في أشعار المتقدمين والمتأخرين، وقد اتسعُوا في ذلك، حتَّى نسبوا الضحك إلى القبور، دع عنك نسبته إلى الأنوار والزهور.

قال شيخ المعرة (٢):

رُبَّ قبرٍ قد صار قبراً مراراً ... ضاحكٍ (٣) من تزاحم الأضدادِ

فإذا عرفت هذا، فاعلم: أن السيد قد انتقى هذين الحديثين من أدق ما وجد في كتب الحديث، مما توهم أنه لا يحتمل التأويل البتة، فقد رأيت من هو غير معدودٍ في العلماء، لا عند الناس ولا عند نفسه كيف تبين أن تأويل ذلك مثل تأويل آيات القرآن الكريم سواء، فكيف لو تعرَّض للفحص عن وجوه (٤) في ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، وحبر الأمة ابن عباس المفقَّه (٥) في الدين،


(١) " في " ساقطة من (ش).
(٢) في ديوانه: " سقط الزند " ٣/ ٩٧١ من قصيدة مطلعها:
غيرُ مجدٍ في ملَّتي واعتقادي ... نَوْحُ باكٍ ولا تَرَنُّمُ شادِ
(٣) في الأصول: " ضاحكاً " وهو خطأ.
(٤) " في ذلك " ساقطة من (ش).
(٥) في (ش): " المتفقه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>