للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلم رجلاً يقول: لا إله إلاَّ الله، موسى رسول الله؛ لاستنكر ذلك لعدم العادة، وإن كان حقاً، وإن كان السامع من غير أهل العلم، ربما حكم على المسموع أنه يهودي، ولم يدر أن اليهودي لم يكن يهودياً بقوله: موسى رسول الله، وإنما كان يهودياً بجحد نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

الأمر الثاني: وهو يختص من يعرف التأويل ويُصِحُّه، وهو أن الواحد منا قد سمع تأويل الآيات، ورسخ في ذهنه، فحين يسمعها (١) يتبادر تأويلها الذي يعرفه إلى الذهن، فلا تقع النكارة والحديث الذي لم يألف سماعه، ولم يعرف تأويله حين يطرق الأسماع غير معروف اللفظ، ولا محفوظ التأويل، بل يقشعر منه القلب، وينبو منه السمع، وليس ذلك لأمر يرجع إلى تعذُّر تأويله، لما ذكرته لك من عدم الاعتياد لسماعه، وعدم المعرفة لتأويله، ولو أن الإنسان لم يكن يعرف القرآن، ولا قد سمِعَه، وكان يعرف إعتقادات المتكلمين ويأْلَفُها، ثم سمع المتشابه من القرآن عندهم، وهو لا يدري أنه كلام الله تعالى، لوجد النكارة لِمَا سمعه، والوحشة مما تدل تلك الآيات عليه، والله سبحانه أعلم.

وبعد، فقد روى البخاري ومسلم في " صحيحيهما ": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " قال الله عز وجل إذا تقرَّب عبدي مني شبراً، تقربت منه ذراعاً، فإذا تقرب مني ذراعاً، تقربت منه باعاً، فإذا أتاني يمشي، أتيته هرولَةً "، وفي رواية: " وإذا أقبل إليَّ يمشي، أقبلت إليه أُهَرْوِلُ " (٢).

وروى مسلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إن الله عزَّ وجلَّ يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضتُ فلم تَعُدْنِي، قال: يا رب، كيف أعودُك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مَرِضَ، فلم تعده؟ لو أنك عدته،


(١) في (ش): " سمعها ".
(٢) أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري (٧٤٠٥)، ومسلم (٣٧٦) و (٢٦٧٢)، وأحمد ٢/ ٥٠٩، وأبو داود (٤٠٩٠)، وابن ماجه (٤١٧٤)، وابن حبان (٣٢٨) و (٣٧٦) و (٨١١) و (٨١٢)، وانظر تمام تخريجه فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>