للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهؤلاء ثلاثة عشر من رجال البخاري، ذكرهم ابنُ حجر في " مقدمة شرح البخاري "، والذهبي في " الميزان "، فكيف إذا تتبعَ سائر الرواة من الكتب الستة وغيرهم، فلقد ذكر الذهبي في ترجمة هشام بن حسان من " الميزان " (١) عن هُدبةَ بن خالدٍ أحد رجال البخاري ومسلمٍ أنه يقول عن شعبة الإمام: إنه يرى الإرجاء، بل (٢) ذكر في ترجمة الفضل بن دُكين (٣) عن ابن معين أن الفضل إذا قال في رجلٍ: كان مرجئاً، فاعلم أنه صاحب سُنَّةٍ لا بأس به، وإذا (٤) أثنى على رجلٍ أنه جيد (٥) فهو شيعيُّ. قال الذهبي: هذا القول من يحيى يدل على أنه كان مائلاً إلى الإرجاء، وهو خيرٌ من القدر بكثيرٍ.

قلت: ويحتمل أن يحيى يعني أن الفضل يُسمي الرجاء إرجاءاً، تحامُلاً على أهل السنة، أو اعتقاداً منه، وعدم معرفة للفرق بينهما، بل هذا الاحتمال أقوى، وإلا لَزِمَ أن يكون ابن معين يعتقد أن الإرجاء مذهب أهل السنة كلهم، وهذا باطل.

وأما أول من تكلم في الإرجاء، فقيل: ذرُّ بن عبد الله كما تقدم عن أحمد، وقيل: الحسن بن محمد بن الحنفية كما في " الملل والنِّحل " (٦)، و" تهذيب " المِزِّيِّ (٧)، وغيرهما.

وفي " البخاري "، و" مسلم "، عن ابنِ مسعودٍ أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمةً، وقلتُ كلمةً، أو: وقلتُ الثانية. قال: " من مات يُشرِكُ بالله، دخل النار "، وقلت: من مات لا يشرك بالله دخل الجنة (٨). وهو الحديث السابع عشر بعد المثة من مسنده من " جامع المسانيد " لابن الجوزي، وهذا يقتضي بظاهره مذهب المرجئة، لأنه قَطَعَ به، ولم يقفه على المشيئة، والله أعلم.


(١) ٤/ ٢٩٦.
(٢) " بل " ساقطة من (ف).
(٣) في " الميزان " ٣/ ٣٥٠ - ٣٥١.
(٤) في (ف): " فإذا ".
(٥) " أنه جيد " ساقطة من (ف).
(٦) ١/ ١٤٤.
(٧) ٦/ ٣١٨.
(٨) تقدم تخريجه ٥/ ٤٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>