التوبة، ثم يقبلها منه، وقد قال في اليهود الذين هم المغضوب عليهم في التفسير المرفوع، وفي نصوص القرآن، على لعنهم والغضب عليهم، فقال في حقِّهم: {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} [البقرة: ٥١ - ٥٢]، يعني سبحانه: وفَّقَهُمْ للتوبة ثم قَبِلَها منهم.
الرابع: أنه تعالى إذا أفردَ الخطاب مع المؤمنين، ذكر كتابة الرحمة التي تمنع الوجوب، وإذا خاطب الكافرين مفردين، ذكر سَعة الرحمة التي تمنعُ القنوط ويكون رجاؤها سبباً للرجوع إلى الله تعالى، فقال في خطاب المؤمنين:{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَة}[الأنعام: ٥٤]، وقال في الكفار:{فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِين}[الأنعام: ١٤٧].
الوجه الخامس: أنها قد قُبِلَتْ توبة القاتل إذا كان مُشركاً، فأسلم بموافقة ابن عباس، فأولى أن تُقبل توبةُ المسلم، لأن الإسلام يزيد أهله قُرباً إلى الله تعالى، وإلى قبولِ ما يتقربون إليه به من توبةٍ وغيرها، بل هو شرطٌ في قبول عباداتهم، فيقبلُ منهم ما لا يُقبل من الكافرين إجماعاًً.
الوجه السادس: أن طاعات القاتل صحيحةٌ، ولذلك خُوطِبَ بالفرائض ووجبت عليه، وصحَّت منه، وكما صَحَّت صلاته وزكاته وحجه وصومه تصحُّ توبته ورجوعه إلى الله تعالى، وأي توبة أعظم من توبه القاتل الذي يَبْذُلُ نفسَه للقَوَدِ، بل قد جَعَلَها مختارٌ في كتابه " المُجتبى " حُجَّة على من قال من شيوخ المعتزلة: إن التائب لا يعلم قبول توبته، لأنه يجد الخوفَ مع التوبة، ولأنه لا يأمن أن يكون مُفرطاً في بعض شروطها، فأجاب الشيخ مختار: بأن أحوال التائبين تختلِفُ، وقد يمكن أن يعلَمَ ذلك بعضهم كمن تاب من القتل، وبذل جميع ما يعلم أنه يجب حتى بَذَلَ نفسه، وسلَّمها للقتل.
الوجه السابع: أنها قد وردت منصوصةً في الأحاديث المتفق على