للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" الكشاف " (١) أنه قول عامة العلماء، وعن الحسن البصري: لا تُجزىء الصغيرة، ويُقَوِّي ذلك عموم قوله تعالى: {إنَّ الحسنات يُذهبن السيئات} وحديث أبي ذر مرفوعاً: " واتبع الحسنة السيئة تَمْحُها " رواه الترمذي (٢) والنووي في " الأربعين " (٣) ورواه الترمذي عن معاذ أيضاً (٤)، وليس في رواته إلاَّ ميمون بن أبي شبيب التابعي، قال الذهبي: صدوق، وقال أبو (٥) حاتم: صالح الحديث روى له الأربعة (٦).

ويعضُدُه حديث واثلة في كفارة القتل بالعتق كما مضى (٧) أو يأتي، و [ما] عقبها بها (٨) إلاَّ لحكمةٍ بالغةٍ، ورحمةٍ واسعة، وبذلك ينقطع قول من قال: إنها نزَلَتْ بعدها، والله أعلم.

على أن الخصوص مُقدمٌ، وإن تأخر كما هو موضَّحٌ في الأصول، وقد مرَّ شيءٌ من بيان ذلك، ويقوي هذا أنه الذي فَهِمَتْهُ الصحابة وفهمُهم حجةٌ كما سيأتي عند ذكر قوله: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فإنهم فهموا العموم لما عدا الشرك من الكبائر.

وروى الذهبي ما يدلُّ على فهمِهم لذلك في القتل بخصوصه، فإنه روى في ترجمة مسلم بن خالدٍ الزنجي (٩)، من حديث عن عُبيد الله بن عمر، عن


(١) ١/ ٢٨٩ في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ونصه: والمراد برقبة مؤمنة كل رقبة كانت على حكم الإسلام عند عامة العلماء، وعن الحسن لا تجزي إلاَّ رقبة قد صلت وصامت، ولا تجزىء الصغيرة.
(٢) (١٩٨٧)، وأحمد ٥/ ١٥٣ و١٥٨ و١٧٧، وهو حديث حسن.
(٣) وهو الحديث الثالث والعشرون.
(٤) أخرجه الترمذي (١٩٨٧)، وأحمد ٥/ ٢٣٦.
(٥) في الأصول: " ابن أبي حاتم "، والصواب ما أثبت.
(٦) انظر " الكاشف " ٣/ ١٩٣، و" التهذيب " ١٠/ ٣٨٨.
(٧) تقدم ص ٣٧.
(٨) في (ش): " به ".
(٩) " ميزان الاعتدال " ٤/ ١٠٢، و" الكامل " لابن عدي ٦/ ٢٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>