للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجالسُ أبا ذر. قلت: يا أبا ذر، دُلَّني على عملٍ إذا عَمِلَ به العبد دخل الجنة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " تؤمن بالله " قلت: يا رسول الله: إن مع الإيمان عملاً قال: " يَرضَخُ مما رزقه الله " قلت: يا رسول الله، فإن كان مُعْدِماً لا شيء له، قال: " يقول معروفاً " وذكر أشياء من أعمال الخير على هذا التدريج حتى قال: " يَدَعُ الناس من أذاه " قلتُ: يا رسول الله، إن هذا ليسير كله، قال: " والذي نفسي بيده ما من خَصْلةٍ يَعْمَلُ بها عبدٌ يبتغي بها وجه الله تعالى إلاَّ أخذتْ بيده يومَ القيامة فلم تُفارقه حتى تُدخله الجنة ". قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.

وروى ابن عبد البر نحوه عن أبي سعيد الخُدري، ذكره صاحب " التنضيد " في باب ما يكره من الكلام، وصحَّحَ الحاكم (١) نحوه من حديث أنس، وصححه ابن قيم الجوزية في " حادي الأرواح " وفي (٦٥٢) عن أبي هريرة مرفوعاً نحو ذلك بغير لفظه (٢).

وفي " صحيح البخاري " (٣) ورد عن ابن عمرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " أربعون خَصلة، من عَمِلَ بواحدةٍ منها دخل الجنة، أعلاها منيحة الشاة " أو كما قال، ويشهَدُ لذلك قوله تعالى: {ومَنْ يعمل من الصالحات وهو مؤمنٌ} [طه: ١١٢] في غير آية، وسيأتي مبسوطاً.

فإذا تقرر انقسام أهل الجنة، فهذه الآية التي ذكروها من أهلِ مرتبةٍ رفيعة من أهل الجنة، ألا تراه رَتَّبَ على اجتناب الكبائر أمرين، كل واحدٍ منها أرفعُ من المغفرة:

أحدهما: قوله تعالى: {نُكَفِّرْ عنكُم سيئاتِكم} [النساء: ٣١]، فإن


= وهمان الأول: وصفُه أبا كثير بالزبيدي، والصواب السحيمي، والثاني: قوله: صحيح على شرط مسلم، ولم يُنبه عليهما الذهبي في " مختصره ".
(١) انظر " المستدرك " ١/ ٧٠.
(٢) تقدم تخريجه ص ٩٤.
(٣) رقم (٢٦٣١)، وأخرجه أبو داود (١٦٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>