للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو رَوَى حديثاًً آخر مثله لطرحتُ حديثه، وليس هذا جرحاً، فإن شُعبة ما طَرَحَ حديثه، وهو المتكلم عليه.

ومثله حديث أبي هريرة، وعمر الذي فيه قول عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -: " دع الناس يعملوا ". رواه مسلم (١)، وكذا حديثُ معاذ الذي أخبر به عند موته تأثماً، رواه البخاري ومسلم (٢) وغيرهما. كلها قاطعةٌ في نفي التأويل.

وعن عاصم بن ضمرة، عن علي عليه السلام: " من قرأ القرآن فاستظهره شَفَعَ في عشرة من أهل بيته كلهم قد استوجب " (٣).


= حديث أبي سلمة انتفاء الشفعة عند تميز الحدود، وتصريف الطرق، واختصاص كل ذي ملك بطريق، ومنطوق حديث عبد الملك: إثبات الشفعة بالجوار عند الاشتراك في الطريق، ومفهومه: انتفاء الشفعة عند تصريف الطرق، فمفهومه موافق لمنطوق حديث أبي سلمة وأبي الزبير ومنطوقه غير معارض له وهذا بين وهو أعدل الأقوال في المسألة.
فإن الناس في شفعة الجوار طرفان ووسط.
فأهل المدينة، وأهل الحجاز، وكثير من الفقهاء: ينفونها مطلقاً.
وأهل الكوفة: يثبتونها مطلقاً.
وأهل البصرة: يثبتونها عند الاشتراك في حق من حقوق الملك، كالطريق والماء ونحوه، وينفونها عند تميز كل ملك بطريقة، حيث لا يكون بين الملاك اشتراك.
وعلى هذا القول تدل أحاديث جابر منطوقها ومفهومها، ويزول عنها التضاد والاختلاف، ويعلم أن عبد الملك لم يرو ما يُخالف رواية غيره.
والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد وأعدلها وأحسنها: هذا القول الثالث والله الموفق للصواب.
(١) رقم (٣١).
(٢) البخاري (١٢٨) و (١٢٩)، ومسلم (٣٢).
(٣) أخرجه الترمذي (٢٩٠٥)، وابن ماجه (٢١٦)، وابن عدي في " الكامل " ٢/ ٧٨٨ من طريقين عن حفص بن سليمان، عن كثير بن زاذان، عن عاصم بن ضمرة، عن علي.
وحفص ضعيف جداً. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه، وليس له إسناد صحيح، وحفص بن سليمان يُضَعَّفُ في الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>