وبغير ذلك. فأما مجهولُ الضَّبطِ، فذكر أنه إن عُرِفَ أن ضبطَه أكثرُ قبِلَ بالاتفاق، أو أقلُّ ردَّ بالاتفاق، وإن استويا، فحكى الخلافَ، وقال: مذهبُنا قبولُه إذا لم يعلم من حاله شيء من ذلك، كذا نصَّ عليه، فدلَّ على أنه مقبولُ أيضاًً، وإنما استثنيناه، لأنَّ الكلامَ عليه سيأتي منفرداً في موضع يشتمِلُ على حكاية الخلافِ، وذكر الدليل، ولأنه جهالة صفة معتبرة في الرَّاوي، فلا فرق بينَها وبينَ سائِر الصِّفات، واحتجاجُه بقبول الأعرابيين يدلُّ على ذلك -والله أعلم-.
وقال: ويقبل مَن ظاهره العدالة من غير اختبار لعدالته. ومعنى كونه عدلاً: أن يكونَ مؤدياً للواجبات، مجتنباً للكبائر مِن المستقبحات. وقد ذكر المنصورُ باللهِ في أحدِ قوليه -ما لفظه-: ولسنا نعتبِرُ العدالة إلا في أربعةٍ: في الحاكم، والشَّاهِدِ، والإمامِ الأعظم، وإمامِ الصلاة. أو قال في الرابع: المفتي -الشك من قِبلي- ذكره في " هداية المسترشدين " من فتاويه -عليه السلام- في الاحتجاج على وِلاية الفَسَقَةِ ومَنْ ليس بمأمون.
وهذا يقتضي مثلَ كلامِ عبدِ الله بن زيد، وقد ذكرتُ فيما تقدم أن ذلك أحدُ احتمالي أبي طالب في " المجزي "، وأرجحُ احتماليه في " جوامع الأدلة "، ولم أعْرِفْ للهادي والقاسم -عليهما السلام- نصاً في هذه المسألة، ولا ثبت أنهم نصُّوا على خِلاف كلام المنصورِ بالله، وأبي طالب والمحدِّثين، لأن كلامَهم في فاسق التأويل معروف، وليس لهم نصٌّ في مجهول الصحابة ولا مجهول غيرهم، ولا إجماعَ يقتضي وجوب النكير على مَنْ خالفه، ولم يزل الأصوليون يذكرون الخِلَاف في هذه المسألة من
= (٢٣٤٢) وابن حبان (٨٧١) والحاكم ١/ ٤٢٣، وسنده قوي، وسيأتي كلام المصِنف عليه ص ٢٧٧.