عن أبي الشَّعثاء، عن ابن عباس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أن الله قضى أن يُؤتى بحسنات العبد وسيئاته، ويقص بعضها ببعض، فإن بقيت حسنةٌ، وسَّعَ الله له في الجنة ما شاء، وإن لم يبق له شيءٌ، فأولئك الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا، ويتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يُوعدون ".
ورواه قبل ذا بنحوه من طريق الحكم بن أبان، عن الغِطريف، عن جابر بن زيدٍ، عن ابن عباس، وقال حديثٌ صحيح (١).
ويشهد له من كتاب الله تعالى قوله عز وجل: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (١٠٤) أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُون} [المؤمنون: ١٠٣ - ١٠٥]، فدل على أن الذين خفَّت موازينهم أهل التكذيب بآيات الله، كما دلَّ على ذلك حديث البطاقة وأمثاله مما تقدم بعضه، ويأتي بعضه الآخر، وآخر الآية أوضح في الدلالة على ما ذكرت، لأن الكفار لما قالوا:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ}[المؤمنون: ١٠٧] قال في جوابهم: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا} [المؤمنون: ١٠٩ - ١١٠]، فتأمل كيف عظم هذا القول، وأهله لمطابقة ما في قلوبهم من الإيمان وجازى أعداءهم الكافرين انتقاماً لهم.
الآية العاشرة: في التوبة -وهي مدنية- وهي من قوله تعالى:{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَاب}، إلى قوله:{لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[التوبة: ١٢٠ - ١٢١].