للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا هو في " مجمع الزوائد "، وهو مما انتُقد على الحاكم رحمه الله.

وأما الإعلالُ، فلأنه روى هذا التفسير الغريب عنهم، عن أئمة مشاهير، علمهم محفوظٌ متداولٌ في أقلَّ من هذا، فمن جاء بالغريب عنهم من الضُّعفاء، لم يُلتَفت إلى ما جاء به.

وأما مخالفته لكتاب الله تعالى، فلأنه قد تكرَّر فيه ذكر أصحاب اليمين، وظهر أن المراد بهم طائفةٌ من المكلَّفين دون المقرَّبين، كما جاء في سورة " الواقعة "، بل في هذه الآية نفسها ما يدل على ذلك، حيث قال: {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَر} [المدثر: ٣٩ - ٤٢]، والأطفال لا يختصون دون المكلفين بمثل ذلك، بل أهل التكليف الذين عادوهم في الدنيا هم أهل الاختصاص بذلك كما قال تعالى في الصافات [٥١ - ٥٧]: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ}، إلى قوله: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٥٥) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِين}، وفي قوله: {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي} ردٌّ واضحٌ على من يقول: إن الجنة لا تُنال بالرحمة والتفضل كما سيأتي بيانه.

وقد سمى الله تعالى أصحاب اليمين بأسماء، حيث قسم أهل الجنة إلى قسمين، وإلى ثلاثة، كقوله تعالى: {فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مُقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات} [فاطر: ٣٢]، ولم يجعل الأطفال قسماً من أقسامهم في شيءٍ من الآيات، لأنهم في منزلة الحور العين (١)، ومن تشبيه الله تعالى لفضول الجنة وأهلها في العرف السابق هم أهل الجنة (٢).

وأما مخالفته لمذهب الخصوم وكثيرٍ من أهل السنة، فلأنه خصَّ أطفال المسلمين دون أطفال المشركين، وقد خرَّج البخاري في حديث سمرة أن النبي


(١) في (د) و (ف): " بمنزلة حور العين ".
(٢) في (د) و (ف): " أهل التكليف ".

<<  <  ج: ص:  >  >>